والأثر الثاني ، مما جاء في لون خاص من ألوان المتابعة والتقليد ، وهو التقليد الأعمى لأشخاص استقرَّ لهم في النفوس موقع كبير ، تلاشى إلى جنبه دور العقل وأثره في النظر والتفكير والنقد ، وكأن هؤلاء الاشخاص قد أصبحوا في أنفسهم ميزانا للحقّ ، فلا يصحّ أن توزن أقوالهم وأعمالهم أو تعرض للنقد والنظر ، هذا النوع من التقليد الذي كان ولا يزال مصدرا للكثير من الأخطار في العقائد والمواقف .. وقف إزاءه أمير المؤمنين عليهالسلام موقف الكاشف عن سرِّ الخطأ فيه والمعلّم للطريق الصحيح في التماس المعارف ، ذلك حين جاءه بعض من ذهله وقوف طلحة والزبير وعائشة في صف واحد إزاء أمير المؤمنين عليهالسلام فاستنكر أن يجتمع هؤلاء على خطأ ، وذكر ذلك لأمير المؤمنين عليهالسلام فأجابه عليهالسلام مبتدءا جوابه بالتنبيه إلى مصدر الوهم ، منتقلاً بعد ذلك إلى اعطائه المنهج السليم في المعرفة ، فقال له عليهالسلام : « إنّك ملبُوس عليك ، إن دين اللّه لا يعرف بالرجال ، بل بآية الحق ، فاعرف الحق تعرف أهله » (١).
خامسا : توجيه الإنسان إلى كسب العلم والمعرفة :
من المسلّمات التي لا تحتمل جدلاً ، أنّ الدين الإسلامي يحث بقوة على كسب العلم والمعرفة ، ومن يتأمل سور القرآن الكريم يجد ذلك يتكرر كثيرا تصريحا أو تلميحا :
( .. قُل هَل يَستَوِي الَّذِينَ يَعلَمُونَ والَّذِينَ لا يَعلمُونَ إنَّما يَتَذَكَرُ أُولُوا الألبابِ ) (٢).
__________________
(١) أمالي الطوسي : ٦٢٥ / ١٢٩٢ مؤسسة البعثة. بحار الأنوار ٣٩ : ٢٣٩ / ٢٨.
(٢) الزمر ٣٩ : ٩.