الشام ، ففعل (١) وأرسلت معه عبدا يقال له : ميسرة (٢) فنزلوا منزلا بقرب دير فيه راهب ونزل الناس ، وذهب رسول الله صلوات الله عليه وآله الى شجرة (٣) بعيدة عنهم ، فنزل تحتها ، ورآه الراهب ، فنزل حتى أتاه ، ورأى ميسرة يخدمه ويحدثه ، فخلا به ، وقال : من أين هذا الشاب الذي أراك معه؟ فقال : من أهل مكة حرم الله ، قال : من قريش؟؟ قال : نعم ، من أوسطها نسبا ، فما تريد منه؟؟ قال : إنا نأثر أنّ نبيا يبعث من العرب وانه ينزل تحت هذه الشجرة في هذا اليوم ، وانه ما نزل تحتها قط في مثله إلا نبي. قال له ميسرة : والله لقد دلّت عليه بذلك عندنا (٤) أخبار كثيرة بمثل ما ذكرت. قال له الراهب (٥) : تكتم عليه ما
__________________
(١) وهو ابن خمس وعشرين سنة ( مروج الذهب ٢ / ٢٧٥ ).
(٢) ذكر الحلبي في السيرة ١ / ١٩٧ عن ابن مندة : إن الذي كان مع الرسول في سفره إلى الشام وما جرى بينه وبين الراهب وجلوس الرسول صلىاللهعليهوآله تحت الشجرة هو أبو بكر وليس ميسرة.
وقال ابن حجر : ويحتمل أن يكون سفر أبي بكر معه صلىاللهعليهوآله في سفرة اخرى بعد سفر أبي طالب.
أقول : ولكن المتفق عليه إنه لم يسافر أكثر من مرتين مرة مع أبي طالب والاخرى مع ميسرة.
وقال : أبو الحسن البكري في كتاب الانوار ص ٢٥٨ ما مضمونه : انها ارسلت عبدين مع الرسول وهما : ميسرة وناصح وأمرتهما بالإطاعة له.
(٣) وكانت الشجرة يابسة لم تخضر. فقال الراهب لا ولادة : يا أولادي إن كان هذا النبي المنعوت في الكتب والمبعوث في هذا الزمان في هذا الركب فإنه ينزل تحت هذه الشجرة اليابسة ويجلس تحتها ، وقد جلس تحتها عدة من الأنبياء ، وإنها من عهد عيسى بن مريم يابسة لم تخضر. وهذه البئر لها عدة سنين لم يكن فيها ماء فانه قد يأتي إليه ويشرب منه قال : فما كان إلا ساعة وإذا بالركب قد أقبل ونزلوا حول البئر وحطوا الأحمال عن الأحمال وكان النبيّ يحبّ الخلوة بنفسه فأقبل حتى نزل تحت الشجرة فأخضرت وأثمرت من وقتها وساعتها. ( الأنوار للبكري ص ٢٧٨ )
(٤) محمد وعلي والأوصياء ١ / ١٣٤ ـ ١ / ٤١.
(٥) قال ابن شهر اشوب في المناقب والمسعودي في المروج ٢ / ٢٧١ يقال للراهب نسطور.