قلت لك ، فانه له اعداء من اليهود (١). ثم نظر ميسرة بعد ذلك في يوم قد اشتد حر الشمس (٢) ، فما يملك أحد ممن كان معهم الكلام من شدة الحر ، وغمامة قد أظلّت رسول الله صلوات الله عليه وآله وهو وادع لم يصبه شيء مما أصاب القوم.
وربح في تلك التجارة ما لم يربح أحد مثله (٣) فلما قدم بذلك على خديجة قالت لغلامها ميسرة : ما أعظم أمانة محمد وبركته ، ما ربحت في تجارة قط كربحي فيما أبضعته معه. فقال لها ميسرة : وأعظم من ذلك ما سمعته فيه ورأيته منه. قالت : وما هو؟ فأخبرها بخبر الراهب وخبر الغمامة (٤).
وكان لخديجة ابن عم قد ذكرت له وذكر لها ـ وهو ورقة بن نوفل ـ وكان على دين النصرانية وكان يذكر إنه أزف (٥) وقت ظهور نبيّ من العرب يبعثه الله عز وجل على جميع الامم مع ما سمعته من الأخبار عن رسول الله صلوات الله عليه وآله فقالت : والله إن هذا أولى بي من ورقة وغيره ، فأرسلت إليه ، فتزوجته. وكانت من أفضل نسائه ، وكل ولده منها خلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية ، وولدت له أكبر ولده وهو القاسم
__________________
(١) الأنوار للبكري ص ٢٨٤.
(٢) قال السكي :
و ميسرة قد عاين الملكين ذا |
|
إظلاك لما سرت ثاني سفره |
٣) قال ابو جهل : يا قوم ما رأيت ربحا أكثر من ربح محمد لخديجة ( الأنوار للبكري ص ٢٩٠ ).
(٤) قال ابن شهر اشوب في المناقب ١ / ٤١ : فاعتقت ميسرة وأولادها واعطته عشرة آلاف درهم لتلك البشارة.
(٥) قال الرازي في مختار الصحاح : ازف الرحيل دنا. ومنه قوله تعالى : ( أَزِفَتِ الْآزِفَةُ ) يعني القيامة.