وبه كان يكنى صلوات الله عليه وآله وهو أكبر الذكور من ولدها منه ثم الطيّب ثم الطاهر ، وأكبر بناتها منه رقية ثم زينب ثم أمّ كلثوم ثم فاطمة ( عليها وعليهمالسلام ) ، ولما تزوجها رسول الله صلوات الله عليه وآله لم تزل ترى منه ويخبرها بمثل ما استفاض الخبر به عنه من إعلام النبوة ، فتذكر ذلك لابن عمها ورقة (١) فيبشرها ويغبطها ويعظمها به ويقول : والله إنه لهو النبيّ المنتظر. ومات ورقة قبل أن يبعث رسول الله صلوات الله عليه وآله وكان شاعرا. وكان كلما أخبرته خديجة بما تشاهده منه ويخبرها به رسول الله صلوات الله عليه وآله يستبطئ أمره ويقول : حتى متى يبعث رسول الله صلوات الله عليه وآله فاومن به؟ وفي ذلك يقول :
لججت وكنت في الذكرى لجوجا |
|
لهمّ طال ما بعث النشيجا |
لوصف من خديجة بعد وصف |
|
فقد طال انتظاري يا خديجا |
بما خبرته من قول قسّ (٢) |
|
من الرهبان يكبر أن يعوجا |
ببطن المكتين على رجائي |
|
حديثك ان أرى منه خروجا |
__________________
(١) وهو ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى. وقد قال عند ما أخبرته خديجة : ما أراه إلا نبيّ هذه الامّة الذي بشّر به موسى وعيسى. وقد قال هذه الأبيات :
يا للرجال وصرف الدهر الغدر
هذي خديجة تأتيني لأخبرها |
|
وما لنا بخفيّ الغيب من خبر |
بأن أحمد ياتيه فيخبره |
|
جبريل إنك مبعوث الى البشر |
فقلت على ترجين ينجزه |
|
له الا له فارجى الخير وانتظرى |
( الإصابة لابن حجر ٣ / ٦٣٤ ) أقول : وهذا ينافي ما صرح به المؤلف : إنه مات قبل البعثة.
(٢) قس بن ساعدة الأيادي : وهو خطيب العرب قاطبة. والمضروب به المثل في البلاغة والحكمة كان يدين بالتوحيد. وسمعه النبي صلىاللهعليهوآله قبل البعثة يخطب في عكاظ ، فأثنى عليه ، جواهر الادب للهاشمي ٢ / ١٩. وفي نسخة ـ ب ـ من قول قيس.