وهذه الأخبار أيضا ثابتة ، قد رواها الخاصّ والعام من طرق كثيرة ، ولم يختلفوا في صحتها ، ولم يكن علي عليهالسلام أخا لرسول الله صلىاللهعليهوآله اخوّة نسب في الظاهر لأبيه ولا لامّه ، ولا كان أخا شقيقا ، وإنما قال ذلك فيه إبانة (١) لمنزلته وإمامته وفضله على سائر المسلمين لئلاّ يتقدمه أحد منهم ولا يتأمّر عليه بعده إذ قد آخى بينهم أجمعين ، وقرن بين كلّ واحد منهم وصاحبه وأفرده هو من بينهم باخوّته. والعرب تقول للشيء إنه أخو الشيء إذا أشبهه أو قاربه أو وافق معناه. وقد قالوا في قوله الله عز وجل حكاية عن الذين أنكروا على مريم عليهالسلام ولادة عيسى عليهالسلام : « يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا » (٢). قالوا : كان هارون هذا في ذلك الوقت رجلا عاهرا فشبهوها به بأن قالوا : يا اخت هارون : يا شبيهة هارون في عهره. وهذا معروف في لسان العرب.
فلما كان عليهالسلام وصيّ رسول الله صلىاللهعليهوآله في امّته وخليفته عليها من بعده ، والقائم فيها مقامه. وكان أقرب الناس شبها في المنزلة به ، وإن كان رسول الله صلىاللهعليهوآله أعلى منزلة منه وقدرا ، وإنه أقربهم إليه في ذلك كما ذكرناه إنه يجوز أن يقال للشيء إذا قارن الشيء وشاكله إنه أخوه ، فأكّد له رسول الله صلىاللهعليهوآله ما جعله له من الإمامة بذلك ، وبغيره مما ذكرناه ونذكره في هذا الكتاب من وجوه شتى مع النصّ عليه الذي ذكرناه.
وأما الاخوّة في النسب الظاهر فليست بموجبة لهذا المقام بلا نص ، لأنه قد يكون المؤمن أخا للكافر وللمنافق في النسب ويختلفان في الحال والمذهب. وإنما
__________________
(١) إظهارا.
(٢) مريم : ٢٨.