أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتصفحت من في مجلسك هذا فلم أر إلا الطلقاء (١) أصحابي وبقايا الأحزاب أصحابك.
وكان عقيل ممن أسر يوم بدر ، وفيمن اطلق بفكاك فكه به العباس مع نفسه (٢).
فقال له معاوية : وأنت من الطلقاء يا أبا يزيد؟
فقال : إي والله ، ولكني أبت الى الحق ، وخرج منه هؤلاء معك.
قال : فلما ذا جئتنا؟
قال : لطلب الدنيا.
فاراد أن يقطع قوله ، فالتفت الى أهل الشام ، فقال : يا أهل الشام أسمعتم قول الله عزّ وجلّ : ( تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ ) (٣).
قالوا : نعم.
قال : فأبو لهب عمّ هذا الشيخ المتكلم يعني عقيل ـ وضحك وضحكوا.
فقال لهم عقيل : فهل سمعتم قول الله عزّ وجلّ : ( وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ). هي عمة أميركم معاوية ، هي ابنة حرب بن أميّة زوجة عمي أبي لهب وهما جميعا في النار ، فانظروا أيهما أفضل الراكب أم المركوب؟
فلما نظر معاوية الى جوابه قال : إن كنت إنما جئتنا يا أبا يزيد للدنيا فقد أنلناك منها ما قسم لك ، ونحن نزيدك ، والحق بأخيك ، فحسبنا ما لقينا منك.
__________________
(١) وهم الذين منّ عليهم الرسول الكريم بالصفح عند ما فتح مكة وبعد أن ذاق منهم ألوان العذاب خاطبهم بما مفاده : ما ذا تروني صانع بكم؟ اخ كريم وابن اخ كريم. فقال صلىاللهعليهوآله : اذهبوا فانتم الطلقاء.
(٢) كما سيذكره المؤلف مفصلا في ج ١٣ من هذا الكتاب.
(٣) المسد : ١.