فقال عقيل : والله لقد تركت معه الدين ، واقبلت الى دنياك ، فما أصبت من دينه ، ولا نلت من دنياك عوضا منه ، وما كثير اعطائك إياي ، وقليله عندي إلا سواء ، وإن كل ذلك عندي لقليل في جنب ما تركت من علي.
وانصرف على علي عليهالسلام.
والأخبار في مثل هذا كثير ، وإن نحن أوردنا ما انتهى إلينا طال الكتاب بها ، وليس أحد يجهل فضل علي عليهالسلام على معاوية إلا من لا علم له بأخبار الناس وأشرارهم ، ومن الفاضل ومن المفضول منهم ، وقد ذكرت فيما مضى من هذا الكتاب ، وأذكر فيما بقي منه ما في أقل قليل منه ما يبين لمن وفق لفهمه ما لعلي صلوات الله عليه من نهاية الفضل الذي لا يدعي لأحد بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله مثله.
وأن معاوية ليس يقاس به ، ولا يدانيه في ذلك ، ولا يقارنه (١) ، بل معايبه ومثالبه (٢) أغلب عليه ، واكثر ما فيه ، ولو لم يكن له ما يعيبه ويثلبه إلا محاربته عليا صلوات الله عليه ومعاداته إياه مع قول رسول الله صلىاللهعليهوآله لعلي عليهالسلام : حربك حربي وسلمك سلمي ، وقوله : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه. فمن عاداه الله عزّ وجلّ ، وكان حربا لرسوله صلىاللهعليهوآله ، فأيّ نصيب له في الإسلام ، فكيف بان يدعى له فضيلة فيه؟
__________________
(١) وفي نسخة ـ أ ـ : ولا يقاربه.
(٢) مثالب : نقائص.