فأما من غلّ أموال المسلمين وخانها واقتطعها وأقطعها ، وسمح بها ، ووصل من يستعين به على معصية الله جلّ ذكره ، وحرب وليه الذي أمر الله بطاعته وافترض مودته كما فعل معاوية ، فليس يعدّ من فعل ذلك في أهل (١) السماحة والجود والإفضال ، وإنما يعدّ من كانت هذه حاله في أهل الخيانة والغول والمحاربة لله عزّ وجلّ وللرسول صلىاللهعليهوآله ، وقد جاء عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أنه قال : يسأل العبد يوم القيامة عن ماله مما جمعه وفيما أنفقه (٢).
فجمع معاوية ما جمعه من الأموال معلوم ، وقد ذكرت ذلك وعطاءه وسخاءه ، فإنما كان على من نزع إليه كما ذكرنا ممن يطلب ذلك عنه.
وقالوا : كان ذا رأي وعقل وسياسة ، جمع بذلك قلوب من كان معه عليه إليه ، وانصلحت به أحوالهم له (٣).
فإنما الرأي المحمود ما اصيب به الحق لا الباطل ، والرأي الذي يصيب به صاحبه الباطل مذموم غير واجب أن يستعمل ، والعاقل من عمل بطاعة الله ، فأما من عمل بمعاصيه فهو الجاهل.
وأما السياسة ، فقد أقام الله عزّ وجلّ منها للعباد في كتابه ، وعلى لسان رسوله صلىاللهعليهوآله ، وفي سنّته ما إذا فعلوه استقام لهم به أمر دينهم الذي تعبّدهم بإقامته ، فمن جعل الله عزّ وجلّ إليه سياسة الخلق ، فساسهم بأمره ونهيه ، وحملهم على كتابه وسنّة رسوله كما فعل علي عليهالسلام ، فقد
__________________
(١) وفي نسخة ـ أ ـ : من فعل.
(٢) وقد مر ذكر الحديث كاملا في الجزء الأول الحديث ١٠٤.
(٣) وهذه الاقوال كلها موجودة في كتاب مناقب معاوية وجدت نسختها الخطية في مكتبه الحرم المكي ، وحاولت مطالعته ولكن منعت من قبل ادارة المكتبة.