استنقذ نفسه واستنقذ من أطاعه منهم من عذاب الله ، وأحرز (١) واحرزوا به ثوابه جلّ ذكره.
ومن تغلب على ما لم يجعله الله عزّ وجلّ له كتغلب معاوية ، وساس من اتبعه بما يحملهم (٢) به على معصية الله ومعصية أوليائه الذين تعبدهم بطاعتهم (٣) كما ساس معاوية وأصحابه بذلك وحملهم عليه ، فقد أهلك نفسه وأهلك من اتبعه ، ولم يكن محمود السياسة عند أهل العلم بكتاب الله وسنّة رسوله صلىاللهعليهوآله ، وإنما السياسة المحمودة ما جرت على واجب الكتاب والسنّة.
وقالوا : كان عالما بالحرب بصيرا بالمكايد والمكر (٤) والحيل فيه (٥) مع ما جمع إليه من مكر عمرو بن العاص.
فالمكايد والمكر والحيل في الحرب إنما يحمد ذلك لأهل الحق إذا استعملوا منه ما يجب ، ويحل في أهل الباطل.
فأما مكر أهل الباطل واحتيالهم على أهل الحق فغير محمود لهم بل هو زائد في سوء أحوالهم وخطاياهم وآثامهم.
وقد قيل مثل ذلك لعلي صلوات الله عليه ، وأشار عليه كما ذكرنا بعض من رأى المكر والاحتيال على معاوية ، بأن يكتب إليه بعهد على الشام ، فاذا بايع له واستقر ذلك عند الناس عزله.
فقال علي صلوات الله عليه : إن هذا الرأي في أمر الدنيا ، فأما في أمر
__________________
(١) وفي نسخة الأصل : وأحرزوه. وفي نسخة ـ أ ـ : وأحرز وأجزل ثوابه.
(٢) هكذا في جميع النسخ ما عدا نسخة ـ ب ـ : بما لا يحملهم.
(٣) وفي نسخة ـ أ ـ : بطاعته.
(٤) وفي نسخة ـ ج ـ : والمكروه.
(٥) هكذا في نسخة ـ أ ـ وفي بقية النسخ : فيها.