الدين فلا ينساغ ذلك ولا يجوز فيه ( وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً ) (١). وذلك أنه لو فعل ذلك لكان في توليته إياه وهو يعلم أنه لا يستحق الولاية ، ولا يجوز له الحكم في المسلمين معصية الله عزّ وجلّ ، ومخالف لما أمر به. وإن وزر ما يأتيه من محارم الله عزّ وجلّ ، ويذره من طاعته ، ويلحقه إثمه وإثم ما يرتكب من المسلمين ، وينال من الذنب (٢) مذ توليه الى أن يعزله ، ولأنه إن عزله بعد أن ولاه ، وهو يوم يعزله على ما كان عليه يوم ولاه ، لم يكن له في عزله حجة إلا التوبة من فعله الذي فعل في توليته.
وقد قيل : ترك الذنب أوجب من طلب التوبة (٣). وكان علي صلوات الله عليه يقول : لو استخرت (٤) المكر ـ يعني في مثل هذا ـ ما كان معاوية أمكر مني (٥).
[ لفتة نظر ]
وممّا أنكروه على علي صلوات الله عليه أنه سمى معاوية وأهل الشام القاسطين.
قالوا : فإن كان سمى طلحة والزبير وأصحابهم الناكثين لأنهم نكثوا بيعته ، والخوارج المارقين لأنهم مرقوا عنه ، فمن أين لزم أهل الشام اسم القاسطين ، ولم يأخذ على معاوية ولا عليهم جورا في حكم؟
فيقال لمن قال ذلك : إن عليا عليهالسلام لم يسمهم بهذا الاسم ، وإنما
__________________
(١) الكهف : ٥١.
(٢) وفي نسخة ـ أ ـ : من الدين.
(٣) ولذا اشتهر عند الأطباء : الوقاية خير من العلاج.
(٤) وفي نسخة ـ ج ـ : لو استحببت. وفي ـ أ ـ : استجزت.
(٥) وروي عنه عليهالسلام أيضا ، قوله : لو لا التقى والدين لكنت أدهى العرب.