الإمام لتنفيذ الأحكام في القود والقصاص. فأما طلب معاوية بذلك وأهل الشام فليسوا بأولياء الدم ، ولا ممن يستحق الطلب به والقيام فيه ولذلك أعرض عنهم علي صلوات الله عليه ، كما أن طالبا لو طلب عند حاكم من الحكام ما ليس له ؛ لم يكن لقوله جواب عنده.
ولو كان المدعى عليهم دم عثمان قوم معروفون ممن كان مع علي عليهالسلام ، ووجب عليهم القصاص ، فما جاز أن يدفعوا الى معاوية وأهل الشام ، وليسوا بأولياء الدم ، ولا ممن يجوز لهم القود ، أو العفو ، أو أخذ الدية ، ولأنهم مع ذلك غير مأمونين عليهم لو دفعوا إليهم.
ولو كان معاوية وأهل الشام أولياء للطلب بدم عثمان ـ كما زعموا ـ لم يكن لهم أن ينصبوا الحرب لإمام المسلمين قبل أن يطلبوا بحقهم عنده ، ويخاصموا إليه من ادعوا ذلك عليه. ثم يقولون له : إن لم تدفع إلينا من اتهمناه بدم ولينا قاتلناك ، وقتلناك إن قدرنا عليك ، ومن قدرنا عليه من أصحابك (١).
هذا هو الخروج والبغي على الأئمة وأهل الحق بعينه ، وليس سبيله سبيل الطلب بالحقوق. فإظهار معاوية وأصحابه الطلب والقيام بدم عثمان فاسد ومحال من جميع الجهات ، وفي كل المقالات ، ولم يكن معاوية يومئذ يدعي الإمامة ولا يدعها أحد له ممن كان معه ، ولا تسمى أمير المؤمنين إلا بعد أن تغلب على ظاهر أمر الحسن عليهالسلام بعد أن قتل علي عليهالسلام ، ولم ينته إلينا ولا سمعنا أن أحدا من أولياء دم عثمان قام عند معاوية فيه بعد تغلبه. ولا أنه أقاد أحدا منهم ـ من أحد ممن اتهم بقتله ـ بل قد أعولت ابنته ـ عائشة ـ لما دخل داره بالمدينة في حين تغلبه ، وذكرت مصاب أبيها.
__________________
(١) وفي نسخة ـ أ ـ : عليه منكم.