فقال لها : يا ابنة أخي إن هؤلاء أعطونا سلطانا ، فأعطينا لهم أمانا ، وأظهرنا لهم حلما تحته غضب ، وأظهروا لنا طاعة تحتها حقد ، وابتعنا منهم هذا بهذا ، ومعهم سيوفهم ، وهم يرون مكان شيعتهم ، فإن نكثنا بهم نكثوا بنا ، ولا ندري أعلينا تكون الدائرة أم لنا ، ( ولئن تكوني بنت عم أمير المؤمنين ) (١) خير لك من أن تكوني امرأة من عرض الناس.
فهلا أعداها (٢) على قتلة أبيها الذين قام عليهم ( قبيلة ) (٣) بالأمس بدمه؟ أو قال لها : اطلبي بحقك واحضري خصمائك. وهلا طلب هو بذلك إن كان ولي الدم ـ كما زعم ـ وليس بوليه بإجماع الامة؟ ولو عفا عنه ولد عثمان ، لما كان له ولغيره أن يطلب به ، وكذلك إذا لم يطلبوا لم يجز الطلب لغيرهم.
وهذا قول جميع أهل القبلة في الطلب بالدم ، وقد قال الله عزّ من قائل : ( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً ) (٤). يعني يطلب عنده بحقه (٥) ، فيبلغه الواجب له ، ولم يجعل للناس أن يقتصوا ويحكموا لأنفسهم ، ولا أن يأخذوا حقوقهم ممن كانت عليه عنوة بأيديهم ، ولا أن يطلب بذلك لهم غيرهم ممن لم يوكلوه لطلبه ، ولا أن يحكم لهم في ذلك إلا من جعل الله عزّ وجلّ الحكم إليه ، وهذا الذي لا يجوز غيره ، ولا يجزي الأحكام إلا به.
[ أقوى حجة عند الامويين ]
فالوجوه محيطة بفساد دعوى معاوية وغيره ممن ادعى دم عثمان والقيام
__________________
(١) وفي نسخة الاصل : ولا تكوني بنت أمير المؤمنين.
(٢) اعداها : حثها.
(٣) ما بين القوسين زيادة من نسخة ـ ج و ـ أ ـ.
(٤) الإسراء : ٣٣.
(٥) من القصاص وهو القتل ، أو الدية ، أو العفو.