كما أخذها عثمان ، ولا نصّ عليه عثمان كما نصّ أبو بكر على عمر ، ولا اجتمعت الامة عليه كما اجتمعوا على أبي بكر.
فالإمامة فريضة من الله عزّ وجلّ افترضها على عباده ، وأمرهم بطاعة من افترضها له من ائمة دينه كما افترض عليهم طاعته وطاعة رسوله صلىاللهعليهوآله ، ووصل هذه الطاعات الثلاث بعضها ببعض ، فقال جلّ من قائل : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (١). ولم يفوض الطاعة إليهم فيقول لهم : أطيعوا من شئتم فيكون لهم أن ينصبوا إماما لأنفسهم يطيعونه ، وأن يقيموا نبيا أو الها من دونه ، ولكنهم إنما تعبّدوا بطاعة من اصطفاه عليهم ، وأقامه لهم من رسله ، فقال سبحانه : ( اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ ) (٢) ، وقال سبحانه : ( إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) (٣). وقال لإبراهيم : ( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) (٤) ولم يكن النبي صلىاللهعليهوآله جعل للناس في حياته أن يولوا عليهم واليا ، ولا أن يؤمّروا على أنفسهم أميرا ، بل كان هو في أيام حياته الذي يؤمّر عليهم الأمراء ، ويولي الولاة ، وطاعته واجبة على العباد في حياته وبعد وفاته ، وسنّته متبعة من بعده كما كانت متبعه في وقته ، وقد أمّر عليهم عليا عليهالسلام وأخذ عليهم بيعته في غير موطن ، كما ذكرنا ذلك وبيناه في هذا الكتاب (٥) ، فكان علي صلوات الله عليه إمام الامة بنص رسول الله صلىاللهعليهوآله والتوقيف عليه كما يجب أن تكون كذلك الإمامة لا كما زعم هذا القائل : إنها تكون باختيار الناس وإجماعهم كما زعم أنهم أجمعوا على أبي بكر وما أجمعوا عليه كما قال :
__________________
(١) النساء : ٥٩.
(٢) الحج : ٧٥.
(٣) البقرة : ٣٠.
(٤) البقرة : ١٢٤.
(٥) وفي نسخة ـ د ـ : في ذلك الكتاب.