ولا عقد له ذلك إلا نفر منهم ، وهذا ما لا يدفع ولا ينكر.
ولو لم تجب الإمامة للإمام حتى يجتمع الناس عليه ، ما أجمعوا على إنسان أبدا.
وإن كانت كما زعم إنما تجب باجماع الناس ، فلم أقام أبو بكر عمر دونهم ، وأنكروا عليه إقامته ، فلم يلتفت الى إنكارهم إذ اجتمعوا إليه ، فقالوا : نناشدك الله أن تولي علينا رجلا فظا غليظا.
فقال : أبا لله تخوفونني! أقعدوني.
فأقعدوه.
فقال : نعم إذا لقيت الله عزّ وجلّ ، قلت له : إني قد وليت عليهم خير أهلك.
فإن كانت الإمامة لا تجب إلا بإجماع الناس ، فقد أخطأ أبو بكر في توليته عمر عليهم ، وهم له كارهون ، وعمر في ولايته عليهم وهم عليه غير مجتمعين.
وفي اقتصار عمر بها على ستة من بعده جعلهم فيها يتشاورون دون جميع المسلمين. فلا هو اقتدى بفعلهم في أبي بكر ، ليجمعوا كما زعم هذا القائل على من رأوه ، ولا هو نصّ على رجل بعينه كما نصّ أبو بكر عليه.
والإمامة فريضة من فرائض الدين وليس للناس أن يحيلوا فريضة من فرائض دينهم ، ولا أن يزيدوا فيها ولا أن ينقصوا منها ، فالاستحالة إنما كانت في عقد الإمامة من قبل من جعلهم هذا القائل حجة لنفسه بزعمه ، وأخذ علي عليهالسلام الإمامة إنما كان من الذي أوجب الله عزّ وجلّ أخذها منه عن رسول الله صلىاللهعليهوآله .
وقد تقرر (١) القول فيما تقدم من هذا الكتاب بذكر ذلك وما يؤيده
__________________
(١) وفي الأصل : وقد تكرر.