فاختصاص الله من يختصه بفضله لا يقاس بالمتعارف في الناس لأن الخصوص غير العموم ، وذكر هذا القائل في مثل هذا حججا كثيرة قد قدمنا قبل هذا ما يغني عنها ، ويكفي من جملتها وغيرها ، ولو لم يكن إسلام علي صلوات الله عليه يعد إسلاما ما كان يفخر به على أهل الشورى ويقروا بفضله ، ويذكره رسول الله صلىاللهعليهوآله ويعده في مناقبه ، وقد تقدم القول بذلك في غير موضع من هذا الكتاب ، وهذا أيضا كما ذكرنا ممّا يدفعه فعل أبي بكر لأنه قد قدم عمر وفي المسلمين الذين قدمه عليهم كثير ممن هو أقدم إسلاما منه ، وممّا رووه من فضائله أن رسول الله صلىاللهعليهوآله سماه صديقا ، وقد ذكرنا فيما تقدم في روايات كثيرة أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال لعلي صلوات الله عليه : أنت الصديق الأكبر. وقد جاء هذا الاسم في كتاب الله عزّ وجلّ عاما للمؤمنين ، وذلك قول الله عزّ وجلّ : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) (١) وإن كان ذلك الخصوص فلم كانت لأبي بكر خاصة دون أن يكون بها أفضل دون غيره؟ ولذلك قال لهم : وليتكم ولست بخيركم.
[ مصاحبته في الغار ]
وقالوا : من فضائله ، كونه مع رسول الله صلىاللهعليهوآله في الغار وأن الله قد وصفه بصحبته ، فقال : ( ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا ) (٢).
فقال بعض من ناظرهم في ذلك من الشيعة (٣) : إن الصحبة قد تكون
__________________
(١) الحديد : ١٩.
(٢) التوبة : ٤٠.
(٣) وهو مؤمن الطاق أبو جعفر محمّد بن النعمان مع ابن أبي حذرة عند أبي نعيم النخعي ، راجع احتجاج الطبرسي ٢ / ٣٧٨.