ما ينتظر أشقاها أن يخضبها بدم من فوقها ـ وأومى (١) بيده الى لحيته ـ فو الذي نفسي بيده لا تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة ، ولا عن فئة تضل مائة وتهدي مائة إلا نبأتكم بناعقها وقائدها وسائقها.
فقام رجل ، فقال : يا أمير المؤمنين حدثنا عن البلايا.
فقال : إنكم في زمان ذلك ، فإذا سأل سائل فليفعل ، وإذا سئل مسئول فليثبت إلا أن من ورائكم امورا لو فقدتموني لأطرق كثير من السائلين ، وفشل كثير من المسئولين. وذلك إذا اتصلت حربكم ، وشمرت عن ساق ، وكانت الدنيا ثقلا عليكم حتى يفتح الله لبقية الأبرار ، فانظروا قوما كانوا أصحاب رايات يوم بدر فلا تسبقوهم فتعرككم البلية.
ثم قام رجل آخر ، فقال : حدثنا عن الفتن يا أمير المؤمنين.
فقال : إن الفتن إذا أقبلت اشتبهت ، وإذا أدبرت أسفرت ، يشتبهن مقبلات ، ويعرفن مدبرات ، وإنما الفتن تحوم كالرياح يصبن بلدا ، ويخطئن اخرى.
ألا إن أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني أميّة ، فإنها فتنة عمياء مظلمة عمّت فتنتها ، وخصّت بليتها ، فأصاب البلاء من أبصر فيها ، وأخطى من عمي عنها ، يظهر أهل باطلها على أهل حقها حتى يملأ الأرض عدوانا وظلما.
ألا إن أول من يضع منها جبروتها ويكسر ذريتها وينزع أوتادها الله ربّ العالمين ، وايم الله لتجدن بني أميّة أرباب سوء لكم من
__________________
(١) وفي الاصل : وأهوى.