وإنا لنرى أن ترك ديننا والانتقال الى دينك في مجلس نجلسه ، ولم ننظر فيه ـ في أمرك ولم نرتئي في عاقبة ما تدعو إليه لزلة في الرأي ، أو عجال في النظر ، والزلة تكون مع العجلة ، وأن من ورائنا قوما يكرهون أن نعقد عليهم عقدا ، ولكن نرجع وترجع وتنظر وننظر ـ وكأنه أحب أن يشركه في الكلام المثنى بن حارثة ـ. فقال : وهذا المثنى بن حارثة وهو شيخنا وكبيرنا وصاحب حربنا.
فتكلم المثنى بن حارثة (١) ، فقال : يا أخا قريش قد سمعت مقالتك ، فأما الجواب في تركنا ديننا واتباعنا إياك على دينك فهو جواب هاني ، وأما الجواب في أن نؤويك وننصرك ، فإنا نزلنا بين صيرين : اليمامة (٢) والسماوة (٣).
[ ضبط الغريب ]
قوله : بين صيرين. الصير ـ في كلام العرب ـ : الشق. وفي الحديث : من نظر في صير باب ـ أي في شق باب ـ ففقئت عينه فهي هدر.
والصير أيضا في كلامهم ، صير البقر : وهو موضع محدود كالحظيرة من أغصان الشجر والحجارة ونحوها ، فإذا كان ذلك للغنم ، قيل زريبة. وصير كل شيء مصيره.
فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما هذان الصيران؟
قال : مياه العرب وأنهار كسرى ، فأما ما كان يلي مياه العرب فذنب صاحبه مغفور ، وعذره مقبول. وأما ما كان يلي أنهار كسرى
__________________
(١) وهو المثنى بن حارثة بن سلمة الشيباني ، توفي ١٤ ه.
(٢) بلاد وسط الجزيرة العربية من مقاطعات نجد.
(٣) بلدة في وسط العراق محافظة المثنى.