فذنب صاحبه غير مغفور ، وعذره غير مقبول. وإنما نزلنا هنالك على عهد أخذه علينا كسرى ألاّ نحدث حدثا ولا نؤوي محدثا ، ولسنا نأمن من أن يكون هذا الأمر الذي تدعو إليه مما تكره الملوك ، فان أحببت أن نؤويك وننصرك ممّا يلي مياه العرب آويناك ونصرناك.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما أسأتم في الردّ إذا فصحتم بالصدق ، وليس يقوم بدين الله عزّ وجلّ إلا من حاطه من جميع جوانبه ، أريتم إن لم تلبثوا إلا يسيرا حتى يمنحكم الله عزّ وجلّ أموالهم ويورثكم ديارهم ، ويفرشكم نساءهم ، أتسبّحون الله تعالى وتقدّسونه؟
فقال النعمان بن شريك : اللهمّ لك ذلك.
فتلا عليهم : ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً ) (١).
ووثب صلىاللهعليهوآله فأخذ بيدي ، وقال لي : يا علي ، أيّ أحلام في الجاهلية يرد الله عزّ وجلّ بها بأس بعضهم عن بعض ويتحاجزون بها في هذه الدنيا.
وكان من اولئك من أسلم ووفد على رسول الله صلىاللهعليهوآله ونال بما وعدهم رسول الله صلىاللهعليهوآله من مملكة كسرى.
ونصر عليا عليهالسلام في حروبه.
وفي هذا الحديث من فضل علي عليهالسلام :
[ ١ ـ ] استصحاب رسول الله إياه على حداثة سنّه يومئذ يعرضه مع نفسه على العرب.
[ ٢ ـ ] وإقباله عليه يخبره عن أحوالهم.
__________________
(١) الاحزاب : ٤٦.