فمن تخلف عنه لغير عذر فقد خذله ، ومن خذله فقد عاداه.
وقوله له : سلمك سلمي ، وحربك حربي. فمن حاربه فقد حارب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ومن حارب رسول الله صلىاللهعليهوآله فقد حارب الله سبحانه.
وقوله : من آذى عليا فقد آذاني. ولا أذى أشد من المحاربة في غير ذلك ممّا ذكرناه ، ونذكره في هذا الكتاب ممّا هو في معنى ذلك.
وما جاء عن رسول الله صلىاللهعليهوآله من نصه على من يقاتله من بعده وأنهم الناكثون والقاسطون والمارقون ، ووصفه إياهم بصفاتهم ، وما يكون منهم وما يؤول إليه أمرهم ممّا جاء عن الله عزّ وجلّ.
فرؤساء الناكثين : ـ وهم أصحاب الجمل ـ طلحة والزبير وعائشة ـ قد تابوا من خروجهم عليه ، ورجعوا عليه وندموا على ما فرط منهم فيه ، فلم يجد أحد بعدهم سببا لذلك يتعلق به في أن يقول بقولهم ، أو يصوّب فعلهم ، أو أن يتخذ قولا يقول به ، ومذهبا يذهب إليه ، وهم قد رجعوا عنه.
وأما معاوية ، وأتباعه ، والخوارج ومن قال بقولهم ، فأصروا على باطلهم ، ولم يرجعوا عنه كما رجع من تقدمهم ، وأن معاوية وأصحابه ، إنما احتذوا على مثال أصحاب الجمل في انتحالهم القيام بطلب دم عثمان فلم يرعهم رجوع من استنّ ذلك لهم عن الرجوع عنه ، بل تمادوا على غيّهم ، وساعدتهم الدنيا فاستمالوا بها كثيرا من الناس ، فذهبوا الى مذهبهم ، وقالوا بمثل قولهم ، وتابع الخوارج على ما ذهبت إليه كل من أبغض عليا صلوات الله عليه أو ذهب الى التقصير به. وكل من أراد أن يأكل أموال الامة ، وسفك دمائها ، فجعل القول بذلك وسيلة الى ما أراده من ذلك.
وكان ممّا تهيأ لمعاوية بن أبي سفيان ممّا قوي به على مقاومة علي عليهالسلام ، والخلاف عليه ، ووجد به أنصارا وأعوانا على ما أراده من ذلك ،