أنه كان مع أخيه يزيد بن أبي سفيان (١) ومع أبي عبيدة بن الجراح (٢) ، وقد شهد فتوح الشام. والشام دار مملكة الروم ، وموضع أموالها وكنوزها وذخائرها وخيراتها.
ومعاوية من المؤلفة قلوبهم كما ذكرنا فيما تقدم ، وثبت ذلك ، وفيمن أعطاه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأباه يوم حنين من غنائم هوازان ما أعطاهما مع جملة المؤلفة قلوبهم لرقة اسلامهم ليسترضيهم ويتألفهم على الإسلام ، ولم يكن ممن نزع عن الغلول ، والاستيثار بما قدر عليه من الفيء.
ثم هلك أخوه يزيد ، فاستعمله عمر بن الخطاب مكانه ، فاحتوى على مملكة الشام ، وبيوت أموال ملوك الروم ، وأموال أشرافهم ، فاكتسب من ذلك أموالا عظيمة وذخائر نفيسة ، فكان يرضي بها من معه ، ويستميلهم الى ما يريده ، ويعطي من أتاه.
ونزع إليه ممن يرغب في الدنيا ، وهم عامة الناس. واتفق له أن عليا صلوات الله عليه طالب عمال عثمان ، وكان من أقطعه عثمان قطيعة من مال المسلمين بما في أيديهم ممّا أقطعوه ، واقتطعوه ، ومن مثل ذلك خاف معاوية على ما في يديه ، ولعلمه بأن عليا صلوات الله عليه لا يدع له شيئا منه. فنزع إليه من كانت هذه حاله ومن خاف عليا عليهالسلام واتقى جانبه أو من علم أنه ليس له من الدنيا عنده ما يريده.
وكان ممّا يشنعون به عليه وينذرون منه به ، أن بعضهم سأله (٣) للحسن والحسين عليهماالسلام متكلفا لذلك من غير أن يسألاه فيه ولا أن يعلما بسؤاله ذلك لهما ، إلا أنه أراد الشناعة (٤) عليه بذلك إذ قد علم أنه لا يفعله ، في أن
__________________
(١) أسلم يوم الفتح ، توفي في دمشق بالطاعون ١٨ ه.
(٢) وهو عامر بن عبد الله الصحابي القرشي الفهري توفي بطاعون عمواس ودفن في غوربيسان ١٨ ه.
(٣) كما يأتي في الجزء السادس وهو خالد بن العمر.
(٤) وفي نسخة ـ ج ـ الشفاعة.