بالتحذير من اقتراف الجرائم والذنوب ، التي تمسخ الانسان ، وتهبط به إلى مستوى سحيق ما له من قرار ، وقد ذكر سجلا منها ، وحذر كأشد ما يكون التحذير منها ، وبذلك فقد اعطى منهجا متكاملا للحياة الاسلامية المتطورة ، التي تسود بمناهجها الرائعة ، جميع مجتمعات العالم ، حقا لقد كان هذا الدعاء من ذخائر أدعية أئمة أهل البيت عليهمالسلام ومن مناجم ثرواتهم الفكرية.
كان الامام الصادق عليهالسلام ، يدعو في ليالي رمضان بعد صلاة المغرب بهذا الدعاء :
« اللّهُمَّ ، مَنْ طَلَبَ حَاجَتَهُ إلى أَحَدٍ مِنَ المَخْلُوقِينَ ، فَإني لا أطْلُبُ حَاجَتِي إلاَّ مِنْكَ ، أَسْأَلُكَ بِفَضْلِكَ ، وَرِضْوَانِكَ ، أَنْ تُصَلّي على مُحَمَّدٍ وُّآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَجَعَلَ لي مِنْ عَامِي هَذَا ، إلى بَيْتِكَ الحَرَامِ سَبِيلاً ، حِجَّةً مًبْرُورَةً ، مَقْبُولَةً زَاكِيَةً ، خَالِصَةً لَكَ تُقِرُّ بِهَا عَيْنِي ، وَتَرْفَعُ بِهَا دَرَجْتي ، وَتَرْزُقَني أَنْ أَغُضَ بَصَرِي ، وَأَنْ أَحْفَظَ فَرْجِي ، وَأَنْ أكُفَّ عَنْ جَمِيعِ مَحَارِمِكَ ، حَتَّى لا يَكُونَ شَيْءٍ آثَرَ عِنْدِي مِنْ طَاعَتِكَ وَخَشْيَتِكَ ، وَالعَمَلَ بِمَا أَحْبَبْتَ ، وَالتَّرْكَ لِمَا كَرِهْتَ ، وَنَهَيْتَ عَنْهُ وَاجْعَلْ ذَلِكَ في يُسْرٍ وَيَسَارٍ مِنْكَ ، وَعَافِيَة ، وَأَوْزِعْني شُكْرَ ما أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ .. اللّهُمَّ اجْعَلْ لي مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ... » (١).
وكان حقا هذا هو التبتل والاعتصام بالله ، فهو لا يرجو قضاء أي حاجة من حوائجه إلا من الله ، ولا يرجو أي أحد من المخلوقين الذين هم فقراء إلى الله ، وقد كان أعز طلباته منه تعالى هو أن يرزقه حج بيته الحرام ، فإنه من أغلى
__________________
١ ـ الاقبال ( ص ٢٤ ).