الأولى : انه يبتني على القول بعدم شمول دليل الاستصحاب لأطراف العلم الإجمالي.
وصاحب الكفاية لا يقول بذلك ، بل يقول بشموله لأطرافه ـ كما ستعرف الجهة الثانية : انه يقتضي ان يكون المورد من مصاديق ذلك الحكم ـ أعني : عدم شمول دليل الاستصحاب لأطراف العلم الإجمالي ـ ، فلا وجه لجعل المحذور في جريان الاستصحاب في المورد شيئا آخر برأسه ـ غير ذلك ـ ، وهو : « عدم إحراز اتصال زمان الشك بزمان اليقين » ـ كما هو صريح العبارة ـ.
ثم (١) ان المحقق العراقي رحمهالله بعد ما ذكر كلام الآخوند بهذا
__________________
[١] تحقيق الكلام في هذا البيان وما أفاده المحقّق العراقي في ردّه أن يقال :
أما أصل المحذور بالبيان المزبور فيدفعه أنّ قوله عليهالسلام : « ولكن تنقضه بيقين آخر » ليس تقييدا لدليل الاستصحاب أو تخصيصا لعمومه ، فهو ليس بمنزلة الاستثناء أو الوصف ، بل هو بيان لحكم آخر مستقل ذكر بعنوان الاستدراك لما يتوهّم من عدم قابلية اليقين الحادث للنقض بتاتا ـ كما هو ظاهر قوله « لكن » ـ ومحصّل هذا الحكم هو بيان أنّ ما من شأنه النقض هو اليقين الآخر المخالف لليقين بالحدوث فلا يلزم منه تغيير موضوع دليل الاستصحاب وتقييده بل موضوعه على ما هو عليه بلا تغيّر.
فلو فرض عمومه ـ أي الدليل ـ لليقين الإجمالي فهو يصطدم مع دليل الاستصحاب ويتنافى معه في مورد إحراز انطباقه ، مع إحراز انطباق دليل الاستصحاب ، فإنّه يتحقّق التهافت بين الدليلين ـ على ما قيل ـ نظير الدليلين المتعارضين ، ومقتضى التصادم هو التساقط ، لا أنّه يخرج مورده عن عموم دليل الاستصحاب رأسا ـ كما هو شأن الدليل المخصّص ـ.
ومن الواضح أنّ التصادم إنّما يحصل مع إحراز انطباقه إمّا مع الشك في انطباقه على مورد الاستصحاب فلا يصادم دليل الاستصحاب ، لأنّه لا يكون حجة مع الشك في الانطباق ، فيكون دليل الاستصحاب حجة بلا مزاحم ، إذن فمجرد الشك في انطباق اليقين الإجمالي لا يضر بجريان الاستصحاب ، إذ لا تكون الشبهة مصداقية بالنسبة إلى عموم دليل الاستصحاب ، بعد أن لم يكون دليله مقيّدا بمفاد الذيل ، فتنبّه.
وأما ما أفاده المحقّق العراقي في ردّه : فقد عرفت ما توجّه عليه ، ولكن يمكن توجيه ما أفاده ( قده ) بأنّ نظره ليس إلى مجرد تعلق العلم الإجمالي بالصورة الذهنية وعدم سرايتها إلى الخارج كي يقال إنّ هذا الكلام متأتّ في العلم التفصيليّ بل الشك وغيره من الصفات النفسيّة التعلقية. بل نظره ( قده ) إلى أنّ تعلّق العلم بالصورة الذهنية يمنع من تحقّق النقض بالعلم الإجمالي. بيان ذلك : إنّ العلم والشك من.