التفسير وأسهب في توضيحه. أورد عليه : بأنه انما يتم بناء على سراية العلم الإجمالي إلى الخارج ، مع ان الأمر ليس كذلك ، فان العلم الإجمالي انما يتعلق بالصورة الذهنية للشيء ـ ويعبر عنها بالمعلوم بالذات ـ. أمّا الصورة الخارجية فهي معلومة بالعرض ولا يسري العلم إليها ، فهي في نفسها مشكوكة (١).
ولا يظهر لهذا الإيراد وجه وجيه أصلا ، فان الصورة الذهنية التي تعلق بها العلم تطابق الصورة الخارجية ـ ولأجل ذلك كانت الصورة الخارجية معلومة بالعرض ـ والمحذور المتأتي بناء على سراية العلم الإجمالي إلى الصورة الخارجية ـ وهو احتمال كون نقض اليقين باليقين لا بالشك ـ متأت من جهة المطابقة بين الصورتين ، فالمحذور تام على كلا الوجهين والبناءين.
__________________
الصفات المتضادة التي لا يمكن اجتماعهما في شيء واحد ، فإذا كان متعلق الشك أو العلم هو الشيء بوجوده الخارجي فيما أنّه لا تعدّد فيه يمتنع أن يكون موردا للشك والعلم في آن واحد ، فإذا فرض تحقّق العلم الإجمالي ، وتعلّقه به لم يكن متعلّقا للشك. وبذلك يتحقّق انتقاض اليقين السابق.
امّا إذا فرض تعلّق الشك أو العلم بالشيء بوجوده الذهني فيما أنّ الشيء يمكن أن يكون بلحاظ صورة الذهنية متعدّدا لتعدد العناوين المنطبقة عليه أمكن أن يكون متعلّقا للشك والعلم في آن واحد مع تعدد العنوان ، لاختلاف متعلّق الوصفين حقيقة ـ بعد أن كان هو العنوان والصورة الذهنية ـ فيكون متعلّقا للشك بعنوان ومتعلّقا للعلم بعنوان آخر.
وعلى هذا الأساس يمكن أن يجتمع العلم الإجمالي مع الشك ولا ينتقض الشك به لأنّ متعلّق العلم هو الشيء بعنوانه الإجمالي ومتعلق الشك هو الشيء بعنوانه التفصيليّ. وإذا لم يكن العلم الإجمالي مناقضا للشك ورافعا له لم يكن ناقضا لليقين السابق لا محالة. ولذلك لم يكن العلم الإجمالي صالحا للنقض ، بخلاف العلم التفصيليّ فإنّه يتعلّق بما يتعلّق الشك فيه فيستلزم نقضه وارتفاعه فيكون ناقضا لليقين السابق.
وبالجملة : مرجع ما أفاده ( قده ) إلى عدم صلاحية العلم الإجمالي لنقض اليقين السابق واختصاص اليقين الناقض باليقين التفصيليّ ، فإشكاله في المقام هو الإشكال في كبرى المسألة ـ بلا خصوصية للمقام ـ وهي عدم جريان الاستصحاب في موارد العلم الإجمالي أو جريانه. وسيأتي تحقيقه في محلّه ، فتدبّر.
(١) البروجردي الشيخ محمد تقي. نهاية الأفكار ٤ ـ ٢١١ القسم الأول ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.