........................................
__________________
الوجوديّ للخاص يكون المرجع هو العام. ولأجل ذلك بنى على حرمة النّظر إلى من يشك كونها من المحارم عملا بعموم وجوب الغضّ عن النساء. وذكر أنّ هذه القاعدة عليها بناء العرف والعقلاء.
والّذي يمكن أن يقال : هو أنّه لو سلّم تماميّة القاعدة المزبورة فهي لا تنطبق على ما نحن فيه وذلك لأنّ موضوعها كما أشير إليه هو ورود عموم يتضمّن حكما إلزاميا ثم يخصّص بعنوان وجودي.
ومن الواضح أنّ الحكم الإلزاميّ فيما نحن فيه هو لزوم الاجتناب عن الماء النجس في الشرب مثلا ، فإنّه يحرم شرب الماء النجس كما يجوز شرب الماء الطاهر.
ولا يخفى أنّ نسبة ما دلّ على جواز شرب الطاهر إلى دليل الحرمة ليس نسبة الخاصّ إلى العام إذ ليس لدينا دليل عام دال على حرمة شرب الماء بقول مطلق وخرج منه الطاهر. بل دليل الحرمة موضوعه الماء النجس رأسا ، كما أنّ دليل الجواز موضوعه الماء الطاهر ، فمع الشك في موضوع الحليّة وهو الطهارة لا معنى للتمسّك بدليل الحرمة بعد فرض عمومه لكل فرد من أفراد الماء.
وبعبارة أخرى : ليس المورد من موارد الشك في مصداق المخصّص بل الشك في مصداق كلا الدليلين. وليس الملحوظ هو الحكم الوضعي وهو الطهارة والنجاسة كي يقال بأنّ لدينا عام يدل على انفعال كل ماء يلاقي النجس وقد خرج عنه الكرّ ، فمع الشك في الكريّة يرجع إلى عموم الانفعال إذ ليس الحكم الوضعي حكما إلزاميا كما هو واضح ، وقد عرفت اختصاص القاعدة بمورد تكفّل العام الحكم الإلزاميّ. فتطبيق القاعدة على ما نحن فيه غير صحيح لما عرفت من أنّ دليل الحرمة ليس دليلا عامّا كي يرجع إليه عند الشك. هذا أوّلا.
وثانيا : أنّه لو فرض أنّ دليل الحرمة دليل عام خرج عنه الماء الطاهر فإنّه يجوز شربه ، فقاعدة الطهارة تعيّن كون الفرد من أفراد المخصّص فلا مجال للرجوع إلى العام حينئذ.
والخلاصة أنّه لا مانع من الرجوع في هذه الصورة إلى قاعدة الطهارة ، فتشترك مع الصورة الأولى في الحكم. وتنفرد الثانية عنهما. هذا تحقيق الكلام فيما أفاده ( قده ).
وقد نوقش ( قده ) فيما أفاده في الصورة الأولى من عدم جواز الرجوع إلى أصالة عدم الملاقاة في زمان عدم الكريّة بأنّ عدم الانفعال أخصّ من الطهارة. فإنّ الأول فرع وجود المقتضي للانفعال ، بخلاف الطهارة فإنّها قد تتحقّق مع عدم المقتضي رأسا كصورة عدم الملاقاة أصلا.
وعليه فالأصل المزبور وإن لم يثبت عدم الانفعال ، لعدم إثباته كون الملاقاة واردة على الكريّة ، إلاّ أنّه ينفع في إثبات الطهارة لأنّه يثبت عدم الملاقاة في زمان القلّة ، والماء القليل غير الملاقي للنجاسة طاهر.
كما نوقش ما أفاده في الصورة الثالثة من الرجوع إلى القاعدة المزبورة بأنّ القاعدة لا أساس لها إذ لا يمكن أن يفرض كون الإحراز دخيلا في الحكم الواقعي ، ضرورة عدم دوران طهارة الماء مدار.