الشيخ يجتمع مع العموم الاستغراقي والمجموعي معا. ويشهد لذلك انه جعل من هذا القسم ما يمكن ان يكون عاما استغراقيا ، وهو : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ )(١) ، فان الوفاء بكل عقد واجب ، في كل زمان وآن ، وليس الزمان كله أخذ موضوعا واحدا وبنحو الارتباطية لوجوب الوفاء بالعقد ، بل على تقدير تسليم ظهور كلامه في ذلك ، فلا وجه لتأويله بما ذكر من أن المراد من القسم الثاني ما كان الزمان فيه ملحوظا ظرفا ، لأنه مثل له مثالا يتنافى مع ذلك وهو : ( أكرم العلماء دائما ) ، لظهور تكفل اعتبار الاستمرار بنفس الدليل ، وقد صرح قدسسره بلزوم التكفل بدليل منفصل يكون موضوعه الحكم كما عرفت ، فالتفت.
واما الجهة الثانية : وهي ما ذكره من كون نسبة الاستمرار مع الحكم نسبة العرض مع معروضه ، وانه لا بد في ثبوت الاستمرار من ثبوت الحكم ، لأن الاستمرار أمر انتزاعي ينتزع عن الوجود بعد الوجود بلا فاصل ، وثبوت الحكم في الأزمنة المتعاقبة ، فنسبته إلى الحكم نسبة العنوان إلى المعنون ـ لأنه ينتزع عن ثبوت خاص للحكم ـ ، وحينئذ فدليل الاستمرار يتكفل ثبوت الحكم في الأزمنة التالية للزمان الأول ، وثبوت الحكم في الزمان الثاني والثالث معناه الاستمرار.
وعليه ، فيمكن التمسك بدليل الاستمرار في إثبات الحكم فيما بعد زمان التخصيص. ولا يتوقف على إحراز تحقق الحكم ، بل مع إحرازه لا نحتاج إلى دليل الاستمرار.
وبعبارة أخرى : انه ما المقصود من لزوم إحراز تحقق الحكم في ثبوت الاستمرار؟ ، هل إحرازه في الآن الثاني بعد التحقق أو إحرازه في الجملة ولو في الآن السابق؟. فعلى الأول : لا نحتاج إلى إثبات الاستمرار. وعلى الثاني :
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية : ١.