المفروض ثبوت الحكم في الآن السابق ، فتدبر.
ويتم لدينا ـ من جميع ذلك ـ : ان ما ذكره الشيخ والخراسانيّ في توجيه دعواهما بعدم التمسك بالعامّ فيما إذا ثبت أخذ الحكم بنحو الوحدة والاستمرار تام كبرويا ، بمعنى انه إذا ثبت أخذ الحكم بهذا النحو من دليل العام أو من دليل خارجي ـ كما لو قال : « أكرم العلماء إلى الأبد » فان : « إلى الأبد » تدل على استمرار الحكم ـ ، امتنع التمسك بالعموم فيما بعد التخصيص لانتفاء الاستمرار وتعدد الحكم.
ولكن الكلام يدور معه صغرويا ، بمعنى ان العمومات الثابتة لا دلالة فيها على أخذ الحكم فيها بنحو الوحدة والاستمرار كعموم : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) الّذي ساقه مثالا لدعواه ، فان : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) لا دلالة فيها الا على وجوب الوفاء بالعقد في كل زمان. امّا أخذ الحكم بنحو الوحدة والاستمرار فلا دلالة له عليه. نعم الوحدة والاستمرار ينتزعان عن مثل هذا الوجوب باعتبار تعاقب ثبوت الوجوب وعدم انفصاله ، فيرى عرفا حكما واحدا مستمرا. ولكنه لا يجدي في عدم التمسك بالعموم فيما بعد التخصيص لعدم استفادة اعتباره بدليل ، وانما منطبق على نحو ثبوت الحكم في الزمان.
المحور الثاني : في مخالفة صاحب الكفاية للشيخ فيما لو كان التخصيص في الابتداء ، فقد عرفت انه ذهب إلى جواز التمسك بالعامّ في هذا الفرض. دون الشيخ ، لإطلاقه المنع.
وحاصل ما ذكره في تقريب ما ذهب إليه : ان المانع من التمسك بالعامّ لو كان التخصيص في الأثناء ـ وهو لزوم ثبوت حكمين منفصلين مع دلالة العام على ثبوت حكم واحد متصل ـ غير موجود لو كان التخصيص في الابتداء ، لأن كلا من الوحدة والاستمرار لا ينثلم بثبوت حكم العام بعد زمان التخصيص كما لا يخفى.