الوجوب النوعيّ المنجز على تقدير اجتماع الشرائط لا الوجوب الشخصي المتوقف على تحقق الشرائط فعلا (١).
والمراد من استصحاب الحكم الكلي ، ما كان إجراءه من وظيفة المجتهد فقط ، وهو لا يتوقف على فعلية الخطاب وتحقق الشرائط خارجا.
نعم ، لا بد فيه من تحقق الموضوع وتحقق الشرائط واختلال بعضها ليحصل الشك في البقاء ، كاستصحاب المجتهد نجاسة الماء المتغير الزائل عنه التغير ، فانه لا يتوقف على وجود الماء المتغير خارجا ، بل يكفي فيه فرض وجود الماء المتغير بهذا النحو فيجري فيه الاستصحاب ، فاستصحاب الوجوب مثله يفرض فيه وجود الموضوع وتحقق الشرائط.
إلاّ انه لا وجه لقياس ما نحن فيه باستصحاب نجاسة الماء المتغير ، لأن المجتهد حين يفرض الموضوع فيه يحصل لديه اليقين والشك فيصح إجراؤه الاستصحاب. بخلاف ما نحن فيه ، فانه مع فرض الموضوع فيه لا يحصل اليقين بحدوث الوجوب لما عرفت من الشك فيه. وقد وجّه المحقق النائيني قدسسره ـ كما في تقريرات الكاظمي ـ جريان الاستصحاب فيه قياسا على الاستصحاب في الماء المتغير : بان فرض وجود الموضوع لا يتوقف على فرض تمكن المكلف من الجزء في أول الوقت وطرو العجز بعد انقضاء مقدار منه ، فان المفروض ان التمكن من الجزء المتعذر ليس من مقومات الموضوع ، وإلاّ لم يجر الاستصحاب رأسا (٢) ...
ولكن كلامه لا يخلو عن خلط ، فان الموضوع الّذي يجب فرضه هو الموضوع العقلي الّذي هو عبارة عن كل ما له دخل في الحكم من جزء وشرط.
__________________
(١) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٢٩٤ ـ الطبعة الأولى. حيث يظهر من إطلاق كلامه نفى الفرق.
(٢) الكاظمي الشيخ محمد على. فرائد الأصول ٤ ـ ٥١٥ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.