لَمَّا خَرَجَ (١) أَبُو جَعْفَرٍ عليهالسلام مِنَ الْمَدِينَةِ إِلى بَغْدَادَ فِي الدَّفْعَةِ الْأُولى (٢) مِنْ خَرْجَتَيْهِ ، قُلْتُ لَهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ فِي (٣) هذَا الْوَجْهِ (٤) ، فَإِلى مَنِ الْأَمْرُ بَعْدَكَ؟ (٥)
فَكَرَّ (٦) بِوَجْهِهِ إِلَيَّ ضَاحِكاً ، وقَالَ : « لَيْسَ الْغَيْبَةُ (٧) حَيْثُ ظَنَنْتَ فِي هذِهِ السَّنَةِ ».
فَلَمَّا أُخْرِجَ (٨) بِهِ الثَّانِيَةَ إِلَى الْمُعْتَصِمِ ، صِرْتُ إِلَيْهِ ، فَقُلْتُ لَهُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، أَنْتَ خَارِجٌ ، فَإِلى مَنْ هذَا الْأَمْرُ مِنْ بَعْدِكَ؟ (٩)
فَبَكى حَتَّى اخْضَلَّتْ (١٠) لِحْيَتُهُ ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ ، فَقَالَ : « عِنْدَ هذِهِ يُخَافُ (١١) عَلَيَّ ، الْأَمْرُ مِنْ بَعْدِي إِلَى ابْنِي عَلِيٍّ ». (١٢)
٨٤٨ / ٢. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْخَيْرَانِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ قَالَ :
كَانَ يَلْزَمُ بَابَ أَبِي جَعْفَرٍ عليهالسلام لِلْخِدْمَةِ الَّتِي كَانَ (١٣) وكِّلَ بِهَا ، وكَانَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى يَجِيءُ فِي السَّحَرِ فِي (١٤) كُلِّ لَيْلَةٍ لِيَعْرِفَ (١٥) خَبَرَ عِلَّةِ أَبِي جَعْفَرٍ عليهالسلام ، وكَانَ الرَّسُولُ ـ الَّذِي يَخْتَلِفُ بَيْنَ أَبِي جَعْفَرٍ وبَيْنَ أَبِي ـ إِذَا حَضَرَ ، قَامَ أَحْمَدُ (١٦) وخَلَا بِهِ أَبِي ،
__________________
(١) في الإرشاد : « لمّا اخرج ». (٢) في الإرشاد : « الأوّلة ».
(٣) في « ض » : « من ».
(٤) في « ف » : « الموضع ».
(٥) في « ه » والإرشاد : + « قال ».
(٦) « كرّ » أي عطف. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٥٢ ( كرّ ).
(٧) في « ف ، بح ، بس ، بف » والإرشاد : ـ « الغيبة ». وفي « ه » : « الفتنة ».
(٨) في الإرشاد : « فلمّا استُدعي ».
(٩) في « ه » : + « قال ».
(١٠) في « ه » : « خضبت ». وقوله : « اخضلّت » ، أي ابتلّت. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦٨٥ ( خضل ).
(١١) في شرح المازندراني ، ج ٦ ، ص ١٩٨ : « تخاف ، إمّا بتاء الخطاب ، أو بالياء المضمومة ».
(١٢) الإرشاد ، ج ٢ ، ص ٢٩٨ ، بسنده عن الكليني الوافي ، ج ٢ ، ص ٣٨٢ ، ح ٨٦٦.
(١٣) في « بف » وشرح المازندراني : ـ « كان ».
(١٤) في « بح » : ـ « في ».
(١٥) في « بف » والإرشاد : « ليتعرّف ».
(١٦) في « بح » : + « بن محمّد بن عيسى ».