فَخَرَجْتُ (١) ذَاتَ لَيْلَةٍ ، وقَامَ (٢) أَحْمَدُ عَنِ (٣) الْمَجْلِسِ وخَلَا أَبِي بِالرَّسُولِ ، واسْتَدَارَ أَحْمَدُ ، فَوَقَفَ حَيْثُ يَسْمَعُ الْكَلَامَ ، فَقَالَ الرَّسُولُ لِأَبِي : إِنَّ مَوْلَاكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ ، وَيَقُولُ لَكَ : « إِنِّي مَاضٍ والْأَمْرُ صَائِرٌ إِلَى ابْنِي عَلِيٍّ ، ولَهُ عَلَيْكُمْ بَعْدِي مَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ بَعْدَ أَبِي » ثُمَّ مَضَى الرَّسُولُ ورَجَعَ أَحْمَدُ إِلى مَوْضِعِهِ ، وقَالَ لِأَبِي : مَا الَّذِي قَدْ قَالَ لَكَ؟ قَالَ : خَيْراً (٤) قَالَ : قَدْ سَمِعْتُ مَا قَالَ (٥) فَلِمَ تَكْتُمُهُ؟ وأَعَادَ (٦) مَا سَمِعَ ، فَقَالَ لَهُ أَبِي : قَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْكَ مَا فَعَلْتَ ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالى يَقُولُ : ( وَلا تَجَسَّسُوا ) (٧) فَاحْفَظِ الشَّهَادَةَ ، لَعَلَّنَا نَحْتَاجُ إِلَيْهَا يَوْماً مَا (٨) ، وإِيَّاكَ أَنْ تُظْهِرَهَا إِلى وقْتِهَا.
فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبِي ، كَتَبَ نُسْخَةَ الرِّسَالَةِ فِي عَشْرِ رِقَاعٍ ، وخَتَمَهَا ، ودَفَعَهَا إِلى (٩) عَشْرَةٍ مِنْ وجُوهِ الْعِصَابَةِ (١٠) ، وقَالَ : إِنْ حَدَثَ (١١) بِي حَدَثُ الْمَوْتِ قَبْلَ أَنْ أُطَالِبَكُمْ بِهَا (١٢) فَافْتَحُوهَا ، واعْمَلُوا (١٣) بِمَا فِيهَا ، فَلَمَّا مَضى أَبُو جَعْفَرٍ عليهالسلام ، ذَكَرَ أَبِي أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ (١٤) مِنْ مَنْزِلِهِ حَتّى قَطَعَ عَلى يَدَيْهِ (١٥) نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ إِنْسَانٍ ، واجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ الْعِصَابَةِ
__________________
(١) في « ب ، ض ، ف ، ه ، بر ، بس ، بف » وحاشية « بح » وشرح المازندراني : « فخرج ».
(٢) في « ج » : « فقام ».
(٣) في « ف » : « من ».
(٤) في « ه » : « خيرٌ ».
(٥) في « بر » : « ما قال لك ». وفي « بس » : « ما قد قال ».
(٦) في « بر » : « فأعاد ».
(٧) الحجرات (٤٩) : ١٢. وفي « ف ، ه » وحاشية « بف » : + « وفعلت ما لم تؤمر به ».
(٨) في « ض ، بح ، بر » : ـ « ما ».
(٩) في « ب ، ض ، ه ، بح ، بر ، بس ، بف » وحاشية « ف ، و » : « عند ».
(١٠) « العصابة » : هم الجماعة من الناس من العشرة إلى الأربعين. ولا واحد لها من لفظها. النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٤٣ ( عصب ).
(١١) في « ض » : « لو حدث ».
(١٢) في « ه ، بس » : ـ « بها ».
(١٣) هكذا في أكثر النسخ. وفي المطبوع وبعض النسخ : « أعلِمُوا ».
(١٤) في مرآة العقول ، ج ٣ ، ص ٣٨٤ : « أنّه لم يخرج ، أي خيرانيّ. ويمكن أن يقرأ على بناء المجهول من باب الإفعال ، فالضمير لأبي جعفر عليهالسلام ».
(١٥) في الوافي : « حتّى قطع على يديه ، حتّى جزم بمعرفة الإمام بعد أبي جعفر عليهالسلام بسببه وبإخباره عنه ».