هذا هو تفسير البيضاوى مختصر فى غير خلل ، ومشتمل على الوان من العلم النافع ، والخير الغزير ، ويتضح ذلك بذكر نماذج منه :
قوله تعالى : ( قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) ..
( سورة الأنعام : ١٦١ و ١٦٢ و ١٦٣ )
( قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) بالوحى والارشاد إلى ما نصب من الحجج. ( دينا ) بدل من محل « الى صراط » إذ المعنى : هدانى صراطا ، كقوله : ويهديكم صراطا مستقيما ، أو مفعول فعل مضمر دل عليه الملفوظ ، ( قيما ) فعل من قام كسيد من ساد ، وهو ابلغ من المستقيم باعتبار الزنة « الوزن » والمستقيم باعتبار الصيغة ، وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائى : « قيما » على أنه مصدر ، وكان قياسه قوما كعوض فاعل الاعلال فعله كالقيام ، ( مِلَّةَ إِبْراهِيمَ ) عطف بيان لدينا ( حَنِيفاً ) حال من إبراهيم ( وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) عطف عليه ..
( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي ) عبادتى كلها ، أو قرباتى ، أو حجى ( وَمَحْيايَ وَمَماتِي ) وما انا عليه فى حياتى واموت عليه من الايمان والطاعة ، او طاعات الحياة والخيرات والمضافة إلى الممات كالوصية والتدبير ، أو الحياة والممات أنفسهما ، وقرا نافع : محياى باسكان الياء اجراء للوصل مجرى الوقف لله رب العالمين لا شريك له ، خالصة لا اشرك فيها غيره ، ( وَبِذلِكَ ) القول أو الاخلاص ( أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) لانه إسلام كل نبى متقدم على إسلام امته ..