ولعل هذا يكشف لنا جانبا هاما من جوانب الإمام القاسمى لقد كان يعجب بقدر وكان يتحكم فيما يختار ولا ينساق وراء الآراء تبعا لشهرة قائلها وانتشارها بين الناس.
ومن المعالم البارزة فى هذا التفسير اعتناء المفسر بالربط بين الآيات المختلفة والكشف عن مظاهر الحكمة فى ترتيب القرآن .. ففي سورة البقرة مثلا يتحدث عن الانتقال من قصة آدم ودعوة بنيه إلى الدين إلى الحديث عن بنى إسرائيل فى قوله تعالى :
( قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ).
( البقرة : ٣٨ ، ٣٩ ، ٤٠ )
يتحدث عن الصلة بين الآيات فيقول :
ولما قدم الله تعالى دعوة الناس عموما وذكر مبدأهم .. دعا بنى إسرائيل خصوصا وهم اليهود ـ لانهم كانوا أولى الناس ـ بالإيمان بالنبى صلىاللهعليهوسلم لأنهم يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والإنجيل فدعاهم تارة بالملاطفة وتارة بالتخويف وتارة بإقامة الحجة وتوبيخهم على سوء أفعالهم.
ونعود فنقول : إن التفسير تعبير حى عن الشيخ القاسمى فى سعة علمه ووفرة مراجعه وحسن انتقائه وسلامة منهجه ودقته فى التعبير واقتصاره على قدر الحاجة ـ وقد ضم عصارات الأفكار وخلاصة آراء العلماء فى كثير من الآفاق العلمية والفكرية والعملية كما عبر عنها القرآن.
ومما يلاحظ على الإمام القاسمى فى تفسيراته إن استمداده من الإمام ابن كثير بلغ حدا كبيرا .. انه يكاد يشبه تفسير الإمام ابن كثير فى كثير من