وحصلت منها ما كان يمكننى من القراءة والفهم ، لكن ما كنت استطيع الكلام .. سافرت بعد ذلك إلى فرنسا وإلى سويسرا عدة مرات فى أيام العطلة فى كلية جنيف ، وبهذه الطريقة تعلمت اللغة الفرنساوية فى أوقات الفراغ مع اشتغالى بالقضاء فى المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف.
ونشط الشيخ فى التأليف والتدريس بالأزهر وغير الأزهر فذاع صيته وطارت شهرته وعم النفع به ..
تفسيره
لم يكن التفسير عند الاستاذ الإمام بالشىء السهل ، بل كان من أصعب الأمور وأهمها .. ووجه الصعوبة فيه ـ فيما يرى الإمام من وجوه أهمها :
إن القرآن كلام سماوى تنزل عن حضرة الربوبية على قلب أكمل الأنبياء وهو يشتمل على معارف عالية ، ومطالب سامية ، لا يشرف عليها إلا أصحاب النفوس الزاكية والعقول الصافية ..
وكان الإمام فى تصديه للتفسير راغبا بث الدعوة إلى أمرين عظيمين : الأول : تحرير الفكر عن قيد التقليد ، وفهم الدين على طريقة سلف الأمة قبل ظهور الخلاف ، والرجوع فى كسب معارفه إلى ينابيعها الأولى ، واعتباره من ضمن موازين العقل البشرى التى وضعها الله لترد من شططه ، وتقلل من خلطه وخبطه ، لتتم حكمة الله فى حفظ نظام العالم الإنسانى ، وأنه على هذا الوجه يعد صديقا للعلم باعثا على البحث فى أسرار الكون ، داعيا إلى احترام الحقائق الثابتة مطالبا بالتعديل عليها فى أدب النفس واصلاح العمل.
الثانى : إصلاح أساليب اللغة العربية فى التحرير ، سواء كان فى المخاطبات الرسمية بين دواوين الحكومة ومصالحها ، أو فيما تنشره الجرائد على الكافة منشئا أو مترجما من لغات أخرى أو فى المراسلات بين الناس.