الله عليه وسلم ، ولا زال المسلمون يتلقون قراءة « الكسائي » بالرضا والقبول ، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
كما تتلمذ على الكسائي عدد كثير ، لأنه كان مدرسة وحده منهم : أبو الحارث : الليث بن خالد البغدادي ، وحفص الدوري ، وقتيبة بن مهران الأصبهاني ، وأبو حمدون الطيب بن إسماعيل ، وأبو عبيد القاسم بن سلام ت ٢٢٤ هـ وغيرهم كثير. قال « خلف بن هشام » كنت أحضر بين يدي الكسائي ، وهو يقرأ على الناس ، وينقطون مصاحفهم بقراءته عليهم ا هـ.
وقال « أبو عبيد القاسم بن سلام » كان « الكسائي » يتخيّر القراءات ، فأخذ من قراءة « حمزة » ببعض وترك بعضا ، وكان من أهل القراءات ، وهي كانت علمه وصناعته ، ولم نجالس أحدا كان أضبط ولا أقوم بها منه ا هـ
ولقد كان « الكسائي » رحمهالله تعالى ثقة ، وأمينا في نقله قراءات القرآن ، وتاريخه الناصع خير شاهد على ذلك. قال « أبو العباس بن مسروق » : حدثنا « سلمة بن عاصم » قال : قال « الكسائي » : صليت « بهارون الرشيد » فأعجبتني قراءتي ، فغلطت في آية ما أخطأ فيها صبيّ قط ، أردت أن أقول : « لعلهم يرجعون » فقلت : « لعلهم يرجعين » فو الله ما اجترأ « هارون الرشيد » أن يقول أخطأت ، ولكنه والله لما سلم قال : أيّ لغة هذه؟ قلت : يا أمير المؤمنين قد يعثر الجواد ، قال : أما هذه فنعم ا هـ
فهذا الخبر إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على شجاعة « الكسائي » وأمانته ، وقال « الفراء » ، إنما تعلم « الكسائي » النحو على كبر ، لأنه جاء إلى قوم ، وقد أعيا ، فقال : قد عييت ، فقالوا له : تجالسنا وأنت تلحن؟ قال : كيف لحنت؟ قالوا له : إن كنت أردت من التعب فقل : « أعييت » وإن كنت أردت انقطاع الحيلة والتحيّر في الأمر ، فقل « عييت » فأنف من ذلك وقام من فوره فسأل