فما أقبح الخضراء والغبراء يا رسول الله أما حزني فسرمد وأما ليلي فمسهد وهم لا يبرح
______________________________________________________
فيه على بناء المجهول ، والمراد بالوديعة والرهينة لا سيما في رواية الكتاب نفس فاطمة صلوات الله عليها ، فاستعار لفظ الوديعة والرهينة لتلك النفس الكريمة ، لأن الأرواح كالودائع والرهائن في الأبدان ، أو لأن النساء كالودائع والرهائن عند الأزواج ، والرهينة فعلية بمعنى المفعول.
وقال بعض شراح النهج : المراد بالوديعة والرهينة نفسه صلىاللهعليهوآلهوسلم والتعبير بالوديعة لأنها في الدنيا تشبه الودائع والآخرة هي دار القرار ، أو لأنها تجب المحافظة عليها عن الهلكات كالودائع ، وبالرهينة لأن كل نفس رهينة على الوفاء بالميثاق الذي واثقها الله تعالى به ، والعهد الذي أخذ عليها قال الله تعالى : « كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ » (١) وقيل : لأنها كالرهن إذا أكملت مدتها واستوفت طعمتها ترجع إلى مقرها.
وقال بعضهم : الرهينة والوديعة فاطمة عليهاالسلام كأنها كانت عنده عليهالسلام عوضا من رؤية رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقيل : الوديعة إشارة إليه صلىاللهعليهوآله والرهينة عبارة عنها صلوات الله عليها ، والأظهر ما ذكرنا أولا.
« وأخلست الزهراء » وفي المجالس : اختلست وهو أظهر ، والاختلاس أخذ الشيء بسرعة حبا له ، في القاموس : الخلس السلب كالاختلاس ، أو هو أوحى من الخلس ، والتخالس التسالب.
« فما أقبح » صيغة التعجب والخضراء السماء ، والغبراء الأرض ، والغرض إظهار كمال الوجد والحزن وعظيم المصيبة ، وقبح أعمال المنافقين والظالمين والشوق إلى اللحوق بسيد المرسلين وسيدة نساء العالمين ، والسرمد الدائم ، والسهد بالضم : السهر ، وبضمتين القليل النوم ، وسهدته فهو مسهد على صيغة التفعيل والإسناد إلى الليل تجوز ، ويحتمل أن يكون اسم زمان فلا تجوز.
« وهم لا يبرح » كأنه خبر مبتدإ محذوف ، أي همي أو مصيبتي هم لا يزول
__________________
(١) سورة المدّثّر : ٣٨.