الله تدفن ابنتك سرا وتهضم حقها وتمنع إرثها
______________________________________________________
« وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا » أي ملتبسا بأعيننا ، عبر بكثرة آلة الحس الذي به يحفظ الشيء ويراعى عن الاختلال والزيغ عن المبالغة في الحفظ والرعاية على طريقة التمثيل ، انتهى.
« تدفن ابنتك سرا » لغاية مظلوميتها « وتهضم » على بناء المجهول أي تغصب « حقها » بالنصب مفعول ثان وكذا « إرثها » ومنع الإرث لمنعهم إياها فدك.
وجملة القول في ذلك أن فدك كانت مما أفاء الله على رسوله بعد فتح خيبر ، فكانت خاصة له صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب وقد وهبها لفاطمة صلوات الله عليها ، وتصرف فيها وكلاؤها ونوابها ، فلما غصب أبو بكر الخلافة انتزعها فجاءته فاطمة عليهاالسلام متعدية فطالبها بالبينة فجاءت بأمير المؤمنين والحسنين عليهمالسلام وأم أيمن المشهود لها بالجنة فرد شهادة أهل البيت بجر النفع وشهادة أم أيمن بقصورها عن نصاب الشهادة ، ثم ادعتها على وجه الميراث تنزلا فرد عليها بخبر موضوع افتروه مخالفا لكتاب الله : نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة ، فغضبت عليه وعلى عمر وهجرتهما وأوصت بدفنها ليلا لئلا يصليا عليها.
ثم لما انتهت الأمارة إلى عمر بن عبد العزيز ردها علي بني فاطمة ، ثم انتزعها منهم يزيد بن عبد الملك ثم دفعها السفاح إلى الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهالسلام ثم أخذها المنصور ، ثم أعادها المهدي ثم قبضها الهادي ، ثم ردها المأمون.
فنقول : خطاء أبي بكر وعمر في القضية واضحة من وجوه شتى : الأول : أن فاطمة كانت معصومة فكان يجب تصديقها في دعواها وقد بينا عصمتها فيما تقدم ، وما قيل : من أن عصمتها لا تنافي طلب البينة منها فلا يخفى سخافته لأن الحاكم يحكم