باب
الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه
إن الله تبارك وتعالى جعل الدنيا كلها بأسرها لخليفته حيث يقول للملائكة « إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً » (١) فكانت الدنيا بأسرها لآدم وصارت بعده لأبرار ولده وخلفائه فما غلب عليه أعداؤهم ثم رجع إليهم بحرب أو غلبة سمي فيئا وهو أن يفيء
______________________________________________________
باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه
قوله (ره) : حيث يقول ، التعليل من جهة أن خليفة الرجل من يقوم مقامه ويسد. مسده والهاء فيه للمبالغة تدل على أن للإمام التصرف في الأرض كيف شاء ، كما أن لله عز وجل التصرف فيها ثم صار لأبرار ولده لأنهم أيضا خلفاء الله « فما غلب عليه » أي تصرف فيه « أعداؤهم » أي أعداء الخلفاء « أو غلبة » بأن انهزموا وتركوا الأرض خوفا قبل وقوع الحرب.
وقال الراغب في المفردات : الفيء والفيئة الرجوع إلى حالة محمودة قال : « حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ » (٢) وقال : « فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما » (٣) ومنه فاء الظل ، والفيء لا يقال إلا للراجع منه ، قال تعالى : « أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ » (٤) وقيل : الغنيمة التي لا تلحق فيها مشقة فيء قال تعالى : « ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى » (٥) « وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ » (٦) وقال : « وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ » (٧) قال بعضهم : سمي ذلك بالفيء تشبيها بالفيء الذي هو الظل تنبيها على أن أشرف أعراض الدنيا يجري مجرى ظل زائل.
__________________
(١) سورة البقرة : ٣٠.
(٣ و ٢) سورة الحجرات : ٩.
(٤) سورة النحل : ٤٨.
(٥) سورة الحشر : ٧.
(٦) سورة الأحزاب : ٥٠.
(٧) سورة الحشر : ٦.