.................................................................................................
______________________________________________________
فإن ما يتسابق فيه من الأعمال الصالحة إنما هو قبل الموت والقيامة بوضع تجمع فيه الخيل بعد السباق ليأخذ السبقة من سبق بقدر سبقه ويظهر خسران من تأخر ، والجنة بالسبقة ، والنار بما يلحق المتأخر من الحرمان والخسران.
أو شبه عليهالسلام الدنيا بزمان تضمير الخيل أو مكانه والقيامة بميدان المسابقة فمن كان تضميره في الدنيا أحسن كانت سبقته في الآخرة أكثر كما ورد التشبيه كذلك في قوله عليهالسلام في خطبة أخرى : ألا وإن اليوم المضمار وعدا السباق ، والسبقة الجنة والغاية النار ، لكن ينافيه ظاهرا قوله : والموت غايته ، إلا أن يقال : المراد بالموت ما يلزمه من دخول الجنة أو النار إشارة إلى أن آثار السعادة والشقاوة الأخروية تظهر عند الموت ، كما ورد ليس بين أحدكم وبين الجنة والنار إلا الموت.
وعلى التقديرين المراد بقوله : يسير المضمار ، قلة مدته وسرعة ظهور السبق وعدمه ، أو سهولة قطعه وعدم وعورته ، أو سهولة التضمير فيه وعدم صعوبته لقصر المدة وتهيئ الأسباب من الله تعالى ، وفي النهج كريم المضمار ، فكان كرمه لكونه جامعا لجهات المصلحة التي خلق لأجله وهي اختبار العباد بالطاعات وفوز الفائزين بأرفع الدرجات ، ولا ينافي ذلك ما ورد في ذم الدنيا لأنه يرجع إلى ذم من ركن إليها وقصر النظر عليها ، كما بين عليهالسلام ذلك في خطبة أوردناها في كتاب الروضة.
« جامع الحلبة » الحلبة بالفتح خيل تجمع للسباق من كل أوب أي ناحية لا تخرج من إصطبل واحد ، ويقال : للقوم إذا جاءوا من كل أوب للنصرة قد أحلبوا ، وكون الحلبة جامعة عدم خروج أحد منها ، أو المراد بالحلبة محلها وهو القيامة كما سيأتي ، فالمراد أنه يجمع الجميع للحساب كما قال تعالى : « ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ » (١).
__________________
(١) سورة هود : ١٠٣.