مصابيحه والدنيا مضماره والموت غايته والقيامة حلبته والجنة سبقته والنار نقمته
______________________________________________________
« والفقه مصابيحه » الفقه العلم بالمسائل الشرعية أو الأعم ، وبه يرى طريق السلوك إلى الله وأعلامه ، وهو ناظر إلى قوله : ذاكي المصباح ، إذ علوم الدين وشرائعه ظاهرة واضحة للناس بالأنبياء والأوصياء عليهمالسلام ، وبما أفاضوا عليهم من العلوم الربانية.
« والدنيا مضماره » قال ابن أبي الحديد : كان الإنسان يجري في الدنيا إلى غاية الموت وإنما جعلها مضمار الإسلام لأن المسلم يقطع دنياه لا لدنياه بل لآخرته ، فالدنيا له كالمضمار للفرس إلى الغاية المعينة « والموت غايته » قد عرفت وجه تشبيه الموت بالغاية ، وقال ابن أبي الحديد : أي إن الدنيا سجن المؤمن وبالموت يخلص من ذلك السجن.
وقال ابن ميثم : إنما جعل الموت غاية أي الغاية القريبة التي هي باب الوصول إلى الله تعالى ، ويحتمل أن يريد بالموت موت الشهوات فإنها غاية قريبة للإسلام أيضا ، وهذا ناظر إلى قوله : رفيع الغاية ، وفي سائر الكتب هذه الفقرة مقدمة على السابقة ، فالنشر على ترتيب اللف ، وعلى ما في الكتاب يمكن أن يقال : لعل التأخير هنا لأجل أن ذكر الغاية بعد ذكر المضمار أنسب بحسب الواقع والتقديم سابقا باعتبار الرفعة والشرف ، وإنما الفائدة المقصودة فأشير إلى الجهتين الواقعيتين بتغيير الترتيب « والقيامة حلبته » أي محل اجتماع الحلبة إما للسباق أو لحيازة السبقة كما مر ، وإطلاق الحلبة عليها من قبيل تسمية المحل باسم الحال وقال ابن أبي الحديد : حلبته أي ذات حلبته ، فحذف المضاف كقوله تعالى : « هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ » (١) أي ذوو درجات.
« والجنة سبقته » في أكثر نسخ النهج سبقته بالفتح فلذا قال الشراح : أي جزاء سبقته فحذف المضاف والظاهر سبقته بالضم فلا حاجة إلى تقدير كما عرفت
__________________
(١) سورة آل عمران : ١٦٣.