.................................................................................................
______________________________________________________
عنها ، انتهى.
وقال الطبرسي قدسسره : في قوله تعالى : « وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها » (١) هي الخصلة من العبادة يظهر فيها معنى الرهبة إما في لبسته أو انفراد عن الجماعة أو غير ذلك من الأمور التي يظهر فيها نسك صاحبه والمعنى ابتدعوا رهبانية لم نكتبها عليهم ، وقيل : إن الرهبانية التي ابتدعوها هي رفض النساء واتخاذ الصوامع عن قتادة ، قال : وتقديره ورهبانية ما كتبناها عليهم إلا أنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها ، وقيل : إن الرهبانية التي ابتدعوها لحاقهم بالبراري والجبال في خبر مرفوع عن النبي صلىاللهعليهوآله ، فما رعاها الذين بعدهم حق رعايتها ، وذلك لتكذيبهم بمحمد صلىاللهعليهوآله عن ابن عباس.
وقيل : إن الرهبانية هي الانقطاع عن الناس للانفراد بالعبادة « ما كَتَبْناها » أي ما فرضناها عليهم ، وقال الزجاج : إن تقديره ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله وابتغاء رضوان الله اتباع ما أمر الله فهذا وجه ، قال : وفيها وجه آخر جاء في التفسير أنهم كانوا يرون من ملوكهم ما لا يصبرون عليه فاتخذوا أسرابا وصوامع وابتدعوا ذلك ، فلما ألزموا أنفسهم ذلك التطوع ودخلوا عليه لزمهم إتمامه ، كما أن الإنسان إذا جعل على نفسه صوما لم يفرض عليه لزمه أن يتمه.
قال : وقوله : فما رعوها حق رعايتها ، على ضربين أحدهما أن يكونوا قصروا فيما ألزموه أنفسهم ، والآخر وهو الأجود أن يكونوا حين بعث النبي صلىاللهعليهوآله فلم يؤمنوا به ، وكانوا تاركين لطاعة الله فما رعوا تلك الرهبانية حق رعايتها ، ودليل ذلك قوله : « فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ » يعني الذين آمنوا بالنبي صلىاللهعليهوآله « وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ » أي كافرون ، انتهى كلام الزجاج.
__________________
(١) سورة الحديد : ٢٧.