و أعطاه الجزية وأسر المشركين وفداهم ثم كلف ما لم يكلف أحد من الأنبياء
______________________________________________________
ذي الحال المجرور قال : هي حال عن الضمير المنصوب في أرسلناك ، والتاء للمبالغة أو صفة لمصدر محذوف ، أي إرساله كافة ، أو مصدر كالكاذبة والعاقبة ، ولعل الأخيرين في الخبر أنسب ، وظاهره أن غيره صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يبعث إلى الكافة وهو خلاف المشهور ، ويحتمل أن يكون الحصر إضافيا أو يكون المراد به بعثه على جميع من بعده إذ لا نبي بعده بخلاف سائر أولي العزم فإنهم لم يكونوا كذلك ، بل نسخت شريعتهم.
« الأبيض والأسود » العجم والعرب أو كل من اتصف باللونين ليشمل جميع الناس قال في النهاية : فيه بعثت إلى الأحمر والأسود ، أي العجم والعرب ، لأن الغالب على ألوان العجم الحمرة والبياض ، وعلى ألوان العرب الأدمة والسمرة ، وقيل : الجن والإنس ، وقيل : أراد بالأحمر الأبيض مطلقا فإن العرب تقول : امرأة حمراء أي بيضاء ومنه الحديث أعطيت الكنزين الأحمر والأبيض ، هي ما أفاء الله على أمته من كنوز الملوك ، فالأحمر الذهب والأبيض الفضة ، والذهب كنوز الروم لأنه الغالب على نقودهم ، والفضة كنوز الأكاسرة لأنها الغالبة علي نقودهم ، وقيل : أراد العرب والعجم جمعهم الله على دينه وملته ، انتهى.
والكلام في اختصاص البعث على الجن والإنس به صلىاللهعليهوآلهوسلم كالكلام فيما سبق ويدل الخبر أيضا على اختصاص الجزية والأسر والفداء ، والجزية : المال الذي يقرره الحاكم على الكتابي إذا أقره على دينه ، وهي فعلة من الجزاء كأنها جزت عن قتله وأسره ، والفداء بالكسر والمد ، وبالفتح والقصر ، فكان الأسير بالمال الذي قرره الحاكم عليه يقال : فداه يفديه فداءا ، ثم كلف على بناء المفعول وثم هنا أيضا مثل ما سبق لأن هذا التكليف أعظم التكاليف وأشقها فقد ثبت صلىاللهعليهوآلهوسلم في حرب أحد وحنين بعد انهزام أصحابه مصرحا باسمه لا يبالي شيئا ، وأنزل عليه سيف من السماء أي ذو الفقار أو غيره ، وكونه بلا غمد تحريص على الجهاد وإشارة إلى أن سيفه ينبغي أن لا يغمد ، وقيل السيف عبارة عن آية سورة براءة : " « فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ