نَحْوُ ( لِكُلِّ ساقِطَةٍ لَاقطةُ ) والْأَصْلُ لَاقِطُ فَلَوْ أُفْرِدَ وَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَى الأَصْلِ.
وقَوْلُهُ تَعَالَى ( وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً ) قيل هُو مَصْدَر لمِطاوِعِ مَحذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ فنَبَتُّمْ نَبَاتاً.
وقيل وُضِع مَوضِعَ مَصْدَر الرُّبَاعِىِّ لِقُرْبِ الْمَعْنَى كَمَا يُقَالُ قَامَ انْتِصَاباً وَقِيلَ هُوَ اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ وَهذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْأَزْهَرِىّ فَإِنَّهُ قَالَ كُلُّ مَصْدَر يَكُونُ لِأَفْعَلَ فَاسْمُ الْمَصْدَرِ فَعَالٌ نَحْوُ أَفَاقَ فَوَاقاً وأصَابَ صَوَاباً وأجَابَ جَوَاباً أُقِيمَ الاسْمُ مُقَامُ الْمَصْدَرِ وأَمَّا الطَّاعَةُ والطَّاقَةُ ونَحْوُ ذلِكَ فَأَسْمَاءٌ لِلْمَصَادِرِ أَيْضاً فَإِنْ أَرَدْتَ الْمَصْدَرَ قُلْتَ إِطَاعَةً بِالْأَلِفِ وَنَحْوَ ذلكَ.
( فصل ) الثُّلَاثِىُّ الْمُجَرَّدُ لَيْسَ لِمَصْدَرِهِ قِيَاسٌ يَنْتَهِى إِلَيْهِ بَلْ أَبْنِيَتُهُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى السَّمَاعِ قَالَ ابْنُ الْقُوطِيَّةِ أَوْ الاسْتِحْسَانِ وحُكِىَ عَنِ الفَرَّاءِ كُلُّ مَا كَانَ مِنَ الثُّلَاثِىِّ مُتَعَدِّياً فَالفَعْلُ بِالْفَتْحِ والفُعُولُ جَائِزَانِ فِى مَصْدَرِهِ لِأَنَّهُمَا أُخْتَانِ.
وَقَالَ الْفَارَابِىُّ قَالَ الفَرَّاءُ بَابُ فَعَلَ بِالْفَتْحِ يَفْعُلُ بِالضَّمِ أَو الْكَسْرِ إِذَا لم يُسْمَع لَهُ مَصْدَرٌ فَاجْعَلْ مَصْدَرَهُ عَلَى الفَعْلِ أو الفُعُولِ ( الفَعْلُ ) لأَهْلِ الْحِجَازِ و ( الفُعُولُ ) لِأَهْلِ نَجْدٍ وَيَكُونُ الفَعْلُ لِلْمُتَعَدِّىِ والفُعُولُ لِلَّازِمِ وَقَدْ يَشْتَرِكَانِ نَحْوُ عَبَرْتُ النَّهْرَ عَبْراً وعُبُوراً وسَكَتَ سَكْتاً وسُكُوتاً وَرُبَّمَا جَاءَ الْمَصْدَرُ عَلَى بِنَاءِ الاسْمِ بِضَمِّ الْفَاءِ وكَسْرِهَا نَحْوُ الغُسْلِ والْعِلْمِ.
( فصل ) إِذَا جُمِعَ الاسْمُ الثُّلَاثِىُّ عَلَى أَفْعَال فَهَمْزَتُهُ مَفْتُوحَةٌ نَحْوُ سِنٍّ وأَسْنَانٍ ونَهْر وأَنْهَارٍ وقُفْلٍ وأَقْفَالٍ ورُطَبٍ وأَرْطَاب وعِنَبِ وأَعْنَابٍ. وكَبِدٍ وأَكْبَادٍ وَنَحْوِ ذلِكَ.
( فصل ) إِذَا جُعِلَ الْمَفْعَلُ مَكَاناً فَتَحْتَ الْمِيمَ ( فَالمَقْطَعُ ) اسْمٌ لِلْمَوْضِعِ الَّذِى يُقْطَعُ فِيهِ و ( الْمَقَصُ ) لِلْمَوْضِعِ الَّذِى يُقَصُّ فِيهِ و ( الْمَفْتَحُ ) لِلْمَوْضِعِ الَّذِى يُفْتَحُ فِيهِ وَإِنْ جَعَلْتَهُ أَدَاةً كَسَرْتَ الْمِيمَ ( فالمِقْطَعُ ) ما يُقْطَع بِهِ و ( المِقَصُ ) ما يُقَصُّ بِهِ وَكَذلِكَ كُلُّ اسْمِ آلَةٍ فَهُوَ مَكْسُورُ الْأَوَّلِ نَحْوُ المِخَدَّةِ والمِلْحَفَةِ والمِقْلَمِ وَالمِرْوَحَةِ والْمِيثَرَةِ والمِكْنَسَةِ والمِقْوَدِ وَشَذَّ مِنْ ذلِكَ أحْرُفٌ جَاءَتْ بِالضَّمِّ نَحْوُ المُسْعُطِ والمُنْخُل والمُشْطِ والمُدُقّ والمُدْهُن والْمُكْحُلةِ والْمُحْرُضةِ والْمُنْضُل والْمُلَاءَةِ والْمُغْزُل فى لُغَةٍ وشَذَّ بِالْفَتْحِ المَنَارَةُ والمَنْقَلُ للْخُفِّ ومَحْمَلُ الْحَاجّ فى لُغَةٍ.
( فصل ) وَجَاءَ ( فُعَالٌ ) و ( فُعَالَةٌ ) بِالضَّمِّ كَثِيراً فِيمَا هُوَ فَضْلَةٌ وَفِيمَا يُرْفَضُ ويُلْقَى نَحْوُ الفُتَاتِ والنُّحَاتَةِ والنُّخَاعَةِ والنُّخَامَةِ والبُصَاقِ والنُّخَالَةِ و القُوَارَةِ وَهُوَ اسْمٌ لما وَقَعَ عنْدَ التَّقْوِيرِ و خُثَارةِ الشَّىءِ وَهُوَ مَا يَبْقَى مِنْهُ و الخُمَارِ وَهُوَ بَقِيَّةُ السُّكْرِ والرُّفَاتِ والحُطَامِ والرُّذَالِ وقُلامَةِ الظُّفْرِ والكُسَاحَةِ والكُنَاسَةِ والسُّبَاطَةِ والقُمَامَةِ والزّبَالَةِ و النُّفَايَةِ وَهُوَ ما نُفِىَ بَعْدَ الاخْتِبَارِ وأما النُّقَاوَةُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ فَإِنَّمَا بُنِى عَلَى الضَّمِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْبَابِ حَمْلاً عَلَى ضِدِّهِ لِأَنَّهُمْ قَدْ يَحْمِلُونَ الشَّىءَ عَلَى ضِدِّهِ كَمَا يَحْمِلُونَهُ عَلَى نَظِيرِهِ وَأَحْسَنُ مَا يَكُونُ ذلِكَ فى الشِّعْرِ وفُعَالٌ بِالضَّمِّ فِى الْأَصْوَاتِ كالصُّرَاخِ وشَذَّ بِالْفَتْحِ الغَوَاثُ وَهُوَ اسْمٌ مِنْ أَغَاثَ وشَذَّ بِالْكَسْرِ الغِنَاءُ.
( فصل ) الْجَمْعُ قِسْمَانِ جَمْعُ قِلَّةٍ وجَمْعُ كَثْرةٍ فَجَمْعُ القِلَّةِ قِيلَ خَمْسَةُ أَبْنِيَةٍ جُمِعَتْ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا فِى قوْلِهمْ :
بأَفْعُلٍ وَبِأَفْعَالٍ وأَفْعِلَةٍ |
|
وفِعْلَةٍ يُعْرَف الأَدْنَى مِنَ العَدَدِ |
والْخَامِسُ جَمْعُ السَّلَامَةِ مُذَكَّرُهُ ومُؤَنَّثُهُ وَيُقَالُ إِنَّهُ مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ وَذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ السَّراجِ كَمَا سَتَعْرِفُهُ مِنْ بَعْدُ وَعَلَيْه قَوْلُ حَسَّانَ :
لَنَا الجَفَنَاتُ الغُرُّ يَلْمَعْنَ فى الضُّحَى |
|
وأَسْيَافُنَا يَقْطُرٌنَ مِن نَجْدَةٍ دَما |
وَيُحْكَى أَنَّ النَّابِغَةَ لَمَّا سَمِعَ الْبَيْتَ قَالَ لِحَسَّانَ قَلَّلْتَ جفَانَكَ وسُيُوفَكَ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ جَمْعَىِ السَّلَامَةِ كَثْرَةٌ قَالُوا وَلَمْ يَثْبُتِ النَّقْلُ عَنِ النَّابِغَةِ وَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ فَالشَّاعِرُ وَضَعَ أَحَدَ الْجَمْعَيْنِ مَوْضِعَ الآخَرِ لِلضَّرُورَةِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ التَّقْلِيلَ.
وَقِيلَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْقَلِيلِ والْكَثِيرِ وَهذَا أَصَحُّ مِنْ حَيْثُ السَّمَاعُ.
قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِىِّ كُلُّ اسْمٍ مُؤَنَّثٍ يُجْمَعُ بِالْأَلِفِ والتَّاءِ فَهُوَ جَمْعُ قِلَّةٍ نَحْوُ الْهِنْدَاتِ والزَّيْنَبَاتِ وَرُبَّمَا كَانَ لِلْكَثِيرِ وأَنْشَدَ بَيْتَ حَسَّانَ.
وَقَالَ ابْنُ خَرُوفٍ جَمْعاً السَّلَامَةِ مُشْتَرِكَانِ بَيْنَ الْقَلِيل والْكَثِيرِ وَيُؤَيِّدُ هذَا الْقَوْلَ قَوْلهُ تَعَالَى ( وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ ). الْمُرَادُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَهِىَ قَلِيلٌ وَقَالَ ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ ) وَهذِهِ كَثِيرَةٌ.
وَقِيلَ اسْمُ الجِنْسِ وَهُوَ مَا بَيْنَ وَاحِدِهِ وجَمْعِهِ الْهَاءُ وكَذلِكَ اسْمُ الجَمْعِ نَحْوُ قَوْمٍ ورَهْطٍ مِنْ جُمُوعِ الْقِلَّةِ.
وَبَعْضُهُمْ يُسْقِطُ فِعْلَةً مِنْ جُمُوعِ القِلَّةِ لِأَنَّهَا لَا تَنْقَاسُ وَلَا تُوجَدُ إِلَّا فِى أَلْفَاظٍ قَلِيلَةٍ نَحْوُ غِلْمَةٍ وصِبْيَةٍ وفِتْيَةٍ.
وَهذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ الاسْمُ ثُلاثِيًّا وَلَهُ صِيغَةُ الْجَمْعَيْنِ.
فَأَمَّا إِذَا كَانَ زَائِداً عَلَى الثَّلَاثَةِ نَحْوُ دَرَاهِمَ ودَنَانِيرَ أَوْ ثُلَاثِيًّا وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا جَمْعٌ وَاحِدٌ نَحْوُ أَسْبابٍ وكُتُبٍ فَجَمْعُهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْقَلِيلِ والْكَثِيرِ. لِأَنَّ صِيغَتَه قَدِ استُعْمِلَتْ فِى الجَمْعَيْنِ اسْتِعْمَالاً وَاحِداً وَلَا نَصَّ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِى أَحَدِهِمَا مَجَازٌ فِى الْآخَرِ وَلَا وَجْهَ لِتَرْجِيح أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِالاشْتِرَاكِ وَلِأَنَّ اللَّفْظَ إِذَا أُطْلِقَ فِيمَا لَهُ جَمْعٌ وَاحِدٌ نَحْوُ دَرَاهِمَ وَأَثْوَابٍ