تلاحظ معي كيف أنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ لم يذكر رحمته أو مغفرته عقب ذكر التوبة ، كما هو الشأن في بقية الآيات الكريمة ، بل عقّبها الله بما هو أشدّ وأرهب ، حيث قال تعالى : ( وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ ) وقد صرّح بذلك عمر بن الخطّاب كما ورد في صحيح البخاري بما نصّه « عن ابن عبّاس رضي الله عنهما ، قال : ثمّ لبثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فجعلت أهابه ، فنزل يوماً منزلاً ، فدخل الأراك ، فلمّا خرج سألته ، فقال : عائشة وحفصة ، ثمّ قال : كنّا في الجاهليّة لا نعدّ النساء شيئاً ، فلمّا جاء الإسلام وذكرهن الله رأينا لهن بذلك علينا حقّاً في شيء من أمورنا ، وكان بيني وبين أمرأتي كلام فأغلظت لي ، فقلت لها : وإنّك لهناك ، قالت : تقول هذا لي وابنتك تؤذي النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأتيت حفصة ، فقلت لها : إنّي أحذّرك أن تعصي الله ورسوله ، وتقدّمت إليها في أذاه ، فأتيت أم سلمة ، فقلت لها ، فقالت : أعجب منك يا عمر ، قد دخلت في أمورنا فلم يبق إلاّ أن تدخل بين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأزواجه ، فرددت ، وكان رجل من الأنصار إذا غاب عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وشهدته أتيته بما يكون ، وإذا غبت عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وشهد أتاني بما يكون من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » (١) !
_____________________
(١) صحيح البخاري ٧ : ٤٦ كتاب اللباس ، صحيح مسلم ٤ : ١٩٠ ، باب في الايلاء والاعتزال.