تجاههم أفكاراً مسبقة.
فقال : لا والله ، ولكنّي أقول ما هو واقع ، إنّي أتمنّى أن أجد مخلصاً ممّا أنا فيه ، فإنّي في حيرة لاتدري بها ، ثمّ أطرق لحظات برأسه محاولا مداراة ألمه وحيرته ، ثمّ نظر لي بتعجّب واستفهام قائلا : ولكن ، أو لست أنت واقعاً في هذه الحيرة ؟!
قلت : لا.
فقال : لا ، كيف ؟!
قلت : الأمر بسيط للغاية ، يحتاج إلىٰ تجرّد وتعقل فقط ، فإذا تجرّدت وتعقّلت أبصرت مالا يبصره غيرك ، فبدى عليه الاهتمام والتأمّل بشدّة في الكلام.
فقال لي : بالله عليك إلاّ ما بصّرتني بما أورثك كلّ هذه الطمأنينة والثقة واليقين.
المعرِّف وهدف الخلقة
قلت : لنعود إلى الوراء ، إلى حيث المبدأ من بعيد ، إلى بدء وجودنا ، فنحن نعلم بوجودنا كمخلوقات لابدّ وأن يكون لنا خالق ، ونعلم كذلك أنّنا لم نخلق أنفسنا ، ولا خلقنا من هو مثلنا ، فتعيّن أنّ لنا خالقاً واحداً ، أحداً ، عالماً ، وحكيماً ، وقادراً ، قيّوماً ومن هذه صفته فله هدف وغاية من إيجادنا ; لأنّه لا يجوز عليه ـ على ما وصفنا ـ العبث واللهو واللعب ، فوجب على كلّ عاقل أن يسأل نفسه : ما غاية خلقنا ؟