فقام علي عليهالسلام فأعطاه الثلث ، ثم جاء أسير ، فقال الاسير : رحمكم الله ، فأعطاه علي عليهالسلام الثلث وما ذاقوها ، فأنزل الله تعالى الآية (١).
وتذهب مدرسة أهل البيت بعيداً في رعاية حقوق الضعفاء ، فزيادة على توصياتها بضرورة إعطائهم الحقوق المالية التي منحها الله تعالى لهم ، تدعو إلى الأخذ بنظر الاعتبار حقوقهم المعنوية ، كحقّهم في الاحترام والتوقير ، ولا يخفى ان تحقير الفقير والأسير وكذلك اليتيم سوف يشعرهم بالدّونية ، يولّد في أعماق نفوسهم مشاعر الحزن والأسى ، ويدفعهم ذلك إلى الانتقام آجلاً أو عاجلاً.
وإدراكاً من الأئمة عليهمالسلام للعواقب المترتبة على الإساءة إلى كرامة الضعفاء ، جهدوا على استئصال كل ما من شأنه المس بكرامتهم ، واستعملوا الوازع الديني كوسيلة أساسية ، من خلال التذكير بسخط الله تعالى وغضبه على كل من انتقص من الضعيف وطعن في كرامته ، قال أمير المؤمنين عليهالسلام موصياً : « لا تحقّروا ضعفاء إخوانكم ، فإنه من احتقر مؤمناً لم يجمع الله عزّ وجل بينهما في الجنّة إلاّ أن يتوب » (٢) ، وقال الإمام الصادق عليهالسلام : « من حقّر مؤمناً مسكيناً ، لم يزل الله حاقراً ماقتاً عليه حتى يرجع عن محقرته إيّاه » (٣) ، وقال عليهالسلام : « من لقي فقيراً مُسلماً فسلَّم عليه خلاف سلامه على الغنيّ ، لقي الله عزّ وجلّ يوم القيامة وهو عليه غضبان » (٤).
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ٥ : ٤٧٠ ، أُنظر مجمع البيان ١٠ : ٥١٤ دار احياء التراث العربي ـ بيروت.
(٢) بحار الانوار ٧٢ : ٤٢.
(٣) بحار الاَنوار ٧٢ : ٥٢.
(٤) بحار الانوار ٧٢ : ٣٨.