أداء الأمانة إلى البرّ والفاجر ، والوفاء بالعهد للبرّ والفاجر ، وبرّ الوالدين برين كانا أو فاجرين » (١).
والجدير بالذكر ، أن الإسلام لم يربط حقوق الوالدين بقضية الدين ، وضرورة كونهما مسلمين ، بل أوجب رعاية حقوقهم بمعزل عن ذلك ، يقول الإمام الرِّضا عليهالسلام : « برّ الوالدين واجب وإنْ كانا مشركين ، ولا طاعة لهما في معصية الخالق » (٢). ولم يكتف الإمام الرِّضا عليهالسلام بتبيان الحكم الشرعي بل كشف عن الحكمة من وراء هذا التحريم بقوله : « حرّم الله عقوق الوالدين لما فيه من الخروج من التّوفيق لطاعة الله عزّ وجلّ ، والتّوقير للوالدين ، وتجنّب كفر النّعمة ، وابطال الشكر ، وما يدعو من ذلك إلى قلّة النّسل وانقطاعه ، لما في العقوق من قلّة توقير الوالدين ، والعرفان بحقّهما ، وقطع الأرحام ، والزّهد من الوالدين في الولد ، وترك التّربية بعلّة ترك الولد برّهما » (٣).
من خلال التمعن في هذا النصّ نجد نظرةً أرحب وأعمق لحق الوالدين، وكون القضية لا ترتبط بالجانب المعنوي المتعلق بحقوق الوالدين فحسب ، بل لها آثار واقعية على مجمل الكيان الاجتماعي ، وعلى الأخص فيما يتعلق بمسألة حفظ الجنس البشري من الانقراض والاستئصال ، كما أن للمسألة آثاراً تربوية سلبية واضحة ، فعندما يجد الوالدان أنفسهما وقد هدرت كرامتهما ، وصودر حقهما من قبل الأبناء ،
__________________
(١) بحار الأنوار ٧٤ : ٥٦.
(٢) بحار الأنوار ٧٤ : ٧٢.
(٣) بحار الأنوار ٧٤ : ٧٥.