عهداً به ، وكان إذا رجع من سفر أو غزاة ، أتى المسجد فصلى ركعتين ، ثم ثنّى بفاطمة (١).
صحيح أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد استشف من وراء الغيب السر المكنون فيها .. وأن الذّرية الطاهرة من بضعته الزَّهراء عليهاالسلام ، وأنهم سوف يتابعون المسيرة التي بدأها ولن يفترقوا عن الكتاب حتى يردوا على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الحوض ، ولكن الصحيح أيضاً أنّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد أن يرسم لنا صورة مشرقة في التعامل مع البنت ، ذلك النوع من التعامل الاجتماعي الذي غيبته الجاهلية. ولقد سار أئمة أهل البيت عليهمالسلام على خطى جدّهم العظيم ، واقتفوا آثاره في تغيير النظرة التمييزية السائدة ، التي تحط من الأنثى لحساب الذكر ولا تقيم لها وزناً.
قال الحسن بن سعيد اللّخمي : ولد لرجل من أصحابنا جارية ، فدخل على أبي عبدالله عليهالسلام ، فرآه متسخّطاً ، فقال له أبو عبدالله عليهالسلام : « أرأيت لو أنّ الله تبارك وتعالى أوحى إليك ! : أن أَخْتَارُ لك ، أو تختار لنفسك ، ما كنت تقول » ؟ قال : كنت أقول : يا ربِّ تختار لي ، قال عليهالسلام : « فإنّ الله قد اختار لك » (٢). بهذه الطريقة الحكيمة أزاح الإمام الصادق عليهالسلام رواسب الجاهلية المتبقية في نفوس الآخرين.
على ان الأكثر إثارة في هذا الصَّدد أن بعضهم اتّهم زوجته بالخيانة ، لا لشيء إلاّ لكونها ولدت جارية ! وعندئذ دحض الإمام الصادق عليهالسلام هذا الرأي السقيم ، الذي لا يستقيم على سكة العقل ولا الشرع ، وكشف
__________________
(١) أُنظر سيرة الأئمة الاثني عشر ، هاشم معروف الحسني ـ القسم الاول : ٦٨.
(٢) فروع الكافي ٦ : ١٠ / ١٠ باب فضل البنات.