زمان ومكان ـ وذلك في خطبته التاريخيّة في حجة الوداع ، قبل أسابيع قليلة من رحيله في السنة العاشرة للهجرة. أي قبل أكثر من أربعة عشر قرناً !
( عن أبي سعيد الخدري قال : خطبنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في أوسط أيّام التّشريق خطبة الوداع فقال : « يا أيُّها النّاس إنّ ربّكم واحدٌ ، وإنّ أباكم واحدٌ، ونبيكم واحدٌ ، ولا فضل لعربي على عجمي ، ولا لعجمي على عربي ، ولا أحمر على أسود ، ولا أسود على أحمر إلاّ بالتقوى .. » ) (١). وعنه أيضاً : « الناس سواء كاسنان المشط » (٢).
وبذلك أعلن صلىاللهعليهوآلهوسلم مبدأ المساواة التامة بين جميع أفراد النوع الإنساني بصرف النظر عن اللغة واللَّون والجنس ، وهذا المبدأ لم ينبس به أحد قبل ظهور الإسلام ؛ لأن الناس كانوا يعتدّون بأجناسهم إلى أقصى حدّ ، حتى كبار الفلاسفة منهم.
ألم يقل افلاطون : اني لاَشكر الله على ثلاث: أن خلقني إنساناً ولم يخلقني حيواناً ، وأن جعلني يونانياً ولم يجعلني من جنس آخر ، وأن أوجدني في عهد سقراط (٣) !
بينما نجد العكس تماماً عند أول الناس اسلاماً الإمام علي عليهالسلام ، كما جاء في عهده لمالك الأشتر ـ الذي يُعد وثيقة تاريخية في غاية الأهمية ـ : « وأشْعِر قلبك الرَّحمة للرَّعيَّة .. ولا تكُونَنَّ عليهم سَبُعاً ضارياً تغتنمُ أكلهُمْ ،
__________________
(١) كنز العمال ٣ : ٩٣ / ٥٦٥٥ و ٣ : ٦٩٩ / ٨٥٠٢ قريب منه.
(٢) كنز العمال ٩ : ٣٨ / ٢٤٨٢٢.
(٣) أُنظر : كتاب ، مع الأنبياء في القرآن الكريم ، لعفيف عبدالفتاح طبّارة ٤١٧ ، ط ١٦ ، دار العلم للملايين ـ بيروت.