وضمن هذا التوجه يستحسن ، تكليف الطفل بما يَقْدِرُ عليه ، كالقيام ببعض أعمال البيت ، مثل ترتيب الفراش ، وتنظيف الاَثاث ، والقاء الفضلات في أماكنها ، وتهيئة وتنسيق مائدة الطعام وأدواته ، والعناية بحديقة المنزل ، وما إلى ذلك من أعمال بسيطة تنمي روح العمل والمبادرة لدى الطفل ، وتعوده على الاعتماد على نفسه.
وهناك حق آخر للطفل مكمل لحقه في اكتساب الأدب ألا وهو حقّ التعليم ، فالعلم كما الأدب وراثة كريمة ، يحث أهل البيت عليهمالسلام الآباء على توريثه لأبنائهم. فالعلم كنز ثمين لا ينفذ. أما المال فمن الممكن ان يتلف أو يسرق ، وبالتالي فهو عرضة للضياع. ومن هذا المنطلق ، يقول الإمام علي عليهالسلام : « لا كنز أنفع من العلم » (١). ثم إنَّ العلم شرف يرفع بصاحبه إلى مقامات سامية ولو كان وضيع النسب ، يقول الإمام علي عليهالسلام : « العلم أشرف الأحساب » (٢).
فمن حق الولد على الوالد أنْ يسعى لاكتسابه هذا الشرف العظيم منذ نعومة أظفاره ، ومن حقه أيضاً على الأب أن يُورِثه هذا الكنز المعنوي الذي لا يُقَدَّر بثمن ، والذي هو أصل كل خير. قال الشهيد الثاني رضياللهعنه في كتاب منية المريد : ( اعلم أن الله سبحانه وتعالى جعل العلم هو السبب الكلي لخلق هذا العالم العلوي والسفلي طرّاً ، وكفى بذلك جلالة وفخراً. قال الله في محكم الكتاب ، تذكرة وتبصرة لأولي الألباب : ( الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهنَّ يتنزّل الأمر بينهنَّ لتعلموا أن الله على كلِّ شيءٍ
__________________
(١) بحار الأنوار ١ : ١٦٥.
(٢) بحار الأنوار ١ : ١٨٣.