تدلّ على حرمان الكافرين من الشفاعة ، غير أنّ الآية الكريمة جاءت لتقول للمؤمنين : إنَّ الامتناع من الانفاق في سبيل الله كفر ، فيكون « الممتنع عن الانفاق » محروماً من الشفاعة لكونه من مصاديق « الكافرين » هكذا قال العلاّمة الطباطبائي في تفسير الآية المباركة (١).
والآية القرآنية الشريفة المتقدمة هي من أكثر الآيات القرآنية التي وقعت في موقع الاستدلال على نفي الشفاعة ، وهذا الاستدلال على نفي مطلق الشفاعة صحيح لو لم تُعقب الآية بجملة ( وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) حيثُ كان فيها إيضاح بأنّ الذين لا ينفقون مما رزقهم الله في سبيله هم الذين لا تنالهم الشفاعة ؛ لأنّهم يدخلون في عداد الكافرين بناءً على ما تقدم.
ومن هنا فليس في القرآن الكريم نفي مطلق للشفاعة ، وإنما يصحُّ أن يقال إنّ النفي الموجود في القرآن المجيد هو نفيٌ مقيد للشفاعة بقيد موضوعي فإذا ارتفع القيد ارتفع النفي.
وفي مقابل ذلك نجد أنَّ القرآن الكريم زاخر بالآيات التي تؤكد وجود الشفاعة ، مثل قوله تعالى : ( هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) (٢). ومع أنَّ الآية الكريمة تتحدث عن نموذج معين من النّاس من الذين كانوا يفترون على الله الكذب ، وهي تنفي أن تنالهم الشفاعة يوم
__________________
(١) الميزان في تفسير القرآن ، للسيد محمد حسين الطباطبائي ٢ : ٣٢٣.
(٢) الاعراف ٧ : ٥٣.