بيان ذلك وهو : أنّ الاستنكاف عن الإنفاق مما رزق الله هو كفرٌ وظلمٌ ، فإذا ما أُعيد آخر الآية إلى صدرها يتّضح أنّ المقصود اعتبار الذين لا ينفقون مما رزقهم الله في سبيله من الكافرين ، ولا ريب أنّ الكافرين لاتنالهم الشفاعة يوم الدين.
فالمنفي بحكم السياق استحقاق قسم خاص من النّاس ، للسّبب المذكور ، إذن ، لا دلالة في الآية على نفي الشفاعة بنحو الاطلاق.
قوله تعالى : ( يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) (١).
وقوله تعالى : ( فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ * وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ * قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ * تَاللهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ المُجْرِمُونَ * فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) (٢).
ويتبين من خلال الآيتين الشريفتين المارتين أنَّ الذين نسوا الدين ، واتبعوا الشيطان وأهل الغواية محرومون من الشفاعة.
ولاحظ قوله تعالى عن الذين كذّبوا بيوم الدين وأنكروا القيامة
__________________
(١) الأعراف ٧ : ٥٣.
(٢) الشعراء ٢٦ : ٩٤ ـ ١٠١.